المعدوم ، إذ انّ الطلب متعلّق بالاستمرار في سدّ باب الوجود على الطبيعة المنهي عنها ، وهذا المقدار مقدور للمكلّف ، إذ انّه قادر على ايجاد الطبيعة فيكون قادرا على عدم ايجادها ، إذ لا يتعقّل ثبوتا لقدرة على أحد طرفي النقيض دون الآخر ، فالقدرة على الشيء هو انّ له أن يفعله وله أن لا يفعله ، أمّا لو لم يكن قادرا على الترك فهو غير قادر على الفعل بل هو مقسور عليه وهو خلف الفرض.
المبنى الثاني : هو انّ المراد من النهي عبارة عن طلب الكفّ عن الفعل خارجا ، فيكون النهي كالأمر موضوعا للطلب إلاّ انّ متعلّق النهي عبارة عن الكفّ والذي يستبطن مئونة زائدة وهي أعمال النفس ، فمعنى « لا تكذب » هو طلب حبس النفس ومنعها عن الكذب ، وهو أمر اختياري كما هو واضح.
وهذا المبنى انّما نشأ عن التسليم بتماميّة الإشكال على المبنى الأوّل إلاّ انّه يوجب الوقوع ـ كما قيل ـ في محذور آخر وهو انّ اتّفاق ترك المنهي عنه دون إعمال النفس وحبسها عنه لا يكون امتثالا للنهي بعد أن كان المنهي عنه هو كفّ النفس وحبسها والمفروض عدم تحقّق ذلك منه.
المبنى الثالث : وهو المنسوب لمشهور المحقّقين من الاصوليين ، وحاصله : انّ النهي موضوع للدلالة على الزجر والتبعيد عن متعلّق النهي باعتبار اشتماله على مفسدة توجب الإلزام بذلك ، وهذا بخلاف الأمر فإنّه موضوع للدلالة على البعث والتحريك نحو الفعل باعتبار اشتماله على مصلحة توجب الإلزام بايجاده ، وعلى هذا يكون الموضوع له النهي مباينا لما هو موضوع له الأمر.
المبنى الرابع : وهو الذي ذهب إليه السيّد الخوئي رحمهالله ، وحاصله : انّ النهي عبارة عن اعتبار المكلّف محروما من الفعل ، وذلك لاشتماله على مفسدة أوجبت حرمان المكلّف منه ، وهذا هو حقيقة النهي وأمّا صيغة النهي أو ما يساوقها فوظيفتها هو