القسم الأوّل : أن يكون نفسيّا من جهة انّ متعلّق النهي مطلوب بذاته على المكلّف لا انّ المطلوب هو ما يترتّب على متعلّق النهي ويكون تحصيل متعلّق النهي وسيلة لتحقّق آثاره المطلوبة ذاتا. كما يكون نفسيا من جهة الملاك بمعنى انّ ملاك النهي عن المتعلّق ناشئ عن مفسدة في ذات المتعلّق لا أنّه ناشئ عن مفسدة في آثار المتعلّق.
ومثاله : قوله تعالى : ( يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) فإنّ متعلّق النهي وهو ترك الشرك مطلوب ذاتا ، كما انّ ملاك النهي عن الشرك هو المفسدة العظيمة الناشئة عن نفس الشرك بالله العظيم.
القسم الثاني : أن يكون نفسيّا من الجهة الاولى إلاّ انّه غيري من الجهة الثانية. ومثاله « لا تكذب » ، فإنّ متعلّق النهي وهو ترك الكذب مطلوب بذاته إلاّ انّ الملاك ناشئ عن آثار الكذب لا على نفس الكذب كما هو واضح.
القسم الثالث : أن يكون غيريّا من الجهتين ، ومثاله : النهي عن الضدّ الواجب إذا كان مزاحما لواجب أهمّ ، بناء على اقتضاء وجوب الشيء للنهي عن ضدّه الخاصّ ، وحينئذ يكون ترك الضدّ المهمّ ليس مطلوبا بذاته وما هو مطلوب بذاته انّما هو امتثال الواجب الأهمّ ، نعم يترشّح عن مطلوبيّة امتثال الواجب الأهمّ نهي عن الواجب المهمّ المضاد للأهمّ ، وبهذا يكون النهي غيريّا ، هذا من الجهة الاولى.
وأمّا الجهة الثانية فلأنّ الواجب المهمّ المنهي عنه بسبب المزاحمة ليس ذا مفسدة في نفسه ، إذ انّ المفسدة الذاتيّة كامنة في فوات الواجب الأهمّ إلاّ انّه وباعتبار انّ منشأ فوات الواجب الأهمّ هو الإتيان بالواجب المهمّ المضاد صار الواجب المهمّ ذا مفسدة باعتباره سببا في ترتّب ما فيه مفسدة ذاتا.
* * *