دلوك الشمس لوجوب الصلاة ناشئ عن الخصوصيّة التكوينيّة القائمة بذات الدلوك ، فالربط بينهما واقعي ناشئ عن مقام ذات السبب وإلاّ لزم تحصيل الحاصل أو انقلاب الشيء عمّا هو عليه واقعا وهذا ما يقتضي امكان ان يؤثّر كلّ شيء في كلّ شيء.
وهكذا الكلام في مانعيّة الحيض لوجوب الصلاة ، فإنّ هذه المانعيّة منتزعة عن مقام الذات للحيض ، فكما انّ ذات الرطوبة مانع عن تأثير النار للإحراق فكذلك يكون الحيض مانعا عن تأثير الدلوك مثلا لوجوب الصلاة.
وبهذا البيان تتّضح استحالة الجعل الاستقلالي لمثل السببيّة والمانعيّة ، وأمّا استحالة الجعل التبعي فلأنّ الجعل التبعي ـ كما أفاد الشيخ الأنصاري رحمهالله عبارة عن انتزاع السببيّة ـ مثلا ـ من التكليف الذي اخذ في موضوعه أمر من الامور ، وهذا ما يقتضي تأخّر السببيّة عن التكليف تأخر الامر الانتزاعي عن منشأ انتزاعه ، فلو كان التكليف هو منشأ انتزاع السببيّة فإنّ هذا معناه تأخر سبب التكليف عن التكليف وهو مستحيل لاستحالة تأخّر السبب عن مسبّبه ، وهذا بخلاف ما لو قلنا انّ السببيّة منتزعة عن سبب التكليف والذي هو السبب الواقعي المقتضي بذاته التأثير للتكليف فإنّ محذور تأخّر ما هو متقدّم واقعا لا يأتي ، إذ انّ السببيّة ـ بناء على هذه الدعوى ـ يكون منشأ انتزاعها هو السبب الذي هو متقدّم واقعا.
وبهذا البيان تتّضح استحالة جعل مثل السببيّة سواء بنحو الجعل الاستقلالي أو بنحو الجعل التبعي.
وقد أجاب السيّد الخوئي رحمهالله عن دعوى صاحب الكفاية رحمهالله بأنّه خلط بين الجعل والمجعول ، وانّ مثل سببيّة الدلوك لوجوب الصلاة انّما هي سببيّة في مرحلة المجعول ، أي انّ الدلوك سبب لفعليّة التكليف لا أنّه سبب لأصل جعله والذي يرتبط بالمصالح والمفاسد الواقعيّة. وبيان ذلك خارج عن الغرض.
* * *