دائما ينحلّ الى تكاليف بعدد أفراد المكلّفين ، وهذه الخصوصيّة هي التي يمتاز بها الواجب العيني عن الواجب الكفائي فالواجب الكفائي لا ينحلّ من جهة الموضوع « المكلّف » بل انّ المطلوب من هذه الجهة واحد ولا يتعدّد بتعدّد المكلّفين ، ولهذا لو جاء واحد من المكلّفين بالواجب الكفائي فإنّ ذلك يصحّح ترك سائر المكلّفين له.
ومن هنا ذهب السيّد الخوئي رحمهالله الى انّ موضوع التكليف بالواجب الكفائي هو طبيعي المكلّف بنحو صرف الوجود ، بمعنى انّ خصوصيّة كلّ فرد من أفراد المكلّفين ليست ملحوظة في موارد التكليف بالواجب الكفائي بل انّ المطلوب في مورده هو صدور الفعل من أحد المكلّفين لا بعينه.
وبيان ذلك : انّ غرض المولى كما يمكن ان يتعلّق بطبيعي الفعل بنحو صرف الوجود يمكن أن يتعلّق بطبيعي المكلّف بنحو صرف الوجود ، مثلا حينما يقول المولى للمكلّف « صلّ » فإنّ غرضه قد تعلّق بطبيعي الصلاة دون الاعتناء بمشخّصات وخصوصيّات أفراد طبيعة الصلاة ، فكلّ فرد من أفراد الطبيعة مهما كانت هويّته فإنّه محقّق لغرض المولى ، وهذا ما يقتضي اعتبار متعلّق التكليف صرف الوجود للطبيعة المنتج للسعة من جهة اختيار أيّ فرد من أفراد طبيعة المتعلّق ، إذ انّ كلّ واحد من أفراد الطبيعة واف بالغرض.
وهكذا الكلام فيما لو قال المولى : « انّ مكلفا مسئول عن دفن الميّت » فإنّ غرضه قد تعلّق بصدور الفعل من طبيعي المكلّف بنحو صرف الوجود ، بمعنى انّه أراد من واحد من طبيعي المكلّف ـ دون ملاحظة من هو ذلك المكلّف ـ أن يقوم بذلك الفعل ، فأيّ مكلّف مهما كانت هويّته إذا جاء بالفعل المطلوب فإنّ غرض المولى يكون قد تحقّق بفعله ، وبذلك يسقط التكليف عن سائر المكلّفين لاستيفاء الغرض بواسطة فعل ذلك المكلّف.