ذاتيّات الظنّ عند تماميّة مقدّمات الانسداد غير معقول.
هذا الإيراد انّما يتمّ بناء على انّ الحجيّة من ذاتيّات القطع وليست من ذاتيّات حقّ المولويّة ، وأمّا بناء على انّ المنجزيّة والمعذريّة من اللوازم الذاتيّة لحقّ المولويّة فالقطع عندئذ لا يختلف عن الظنّ من جهة إمكان حكم العقل بثبوت الحجيّة له لو افترض دخوله في اطار حقّ المولويّة.
وبتعبير آخر : انّه لو افترض اتّساع حقّ المولويّة ـ ولو في بعض الحالات ـ ليشمل التكاليف المظنونة فإنّ العقل حينئذ يدرك ثبوت المنجزيّة والمعذريّة للظنّ عينا كما في إدراكه لثبوتها للقطع ، وذلك لافتراض انّ الحجيّة ليست من اللوازم الذاتيّة للقطع بما هو قطع وانّما لكونه كاشفا عن الاوامر المولويّة المقتضية ذاتا للمنجزيّة والمعذريّة. ومن أجل ذلك تبنى السيد الصدر رحمهالله ما أفاده صاحب الكفاية رحمهالله في معنى الحكومة.
المعنى الثاني : وهو الذي تبنّاه السيّد الخوئي رحمهالله ، وحاصله : انّه مع افتراض تماميّة مقدّمات الانسداد يستقل العقل بإدراك حجيّة الامتثال الإجمالي الظني ، وذلك لانعقاد العلم الإجمالي ـ كما هو الفرض ـ وعدم امكان الاحتياط التام ، بمعنى انّ العقل القاضي بلزوم الطاعة للمولى جلّ وعلا يدرك عند عدم امكان الاحتياط التام لزوم التبعيض في الاحتياط ، فيدور الأمر حينئذ بين الامتثال الإجمالي الشكي أو الوهمي وبين الامتثال الإجمالي الظني ، فلا محيص عندئذ عن الامتثال الاجمالي الظنّي بعد امكانه وعدم لزوم محذور اختلال النظام أو العسر والحرج.
وإدراك العقل للزوم الامتثال الإجمالي الظني يعني إدراكه لاستحقاق المكلّف للعقاب لو لم يلتزم بذلك واكتفى بالامتثال الاجمالي الشكّي أو الوهمي ، كما يعني إدراكه لمعذوريّة المكلّف عند اتّفاق مخالفة الواقع.
والمتحصّل انّ المراد من الحكومة هو التبعيض في الاحتياط بنحو