حرجيّا ، فإنّ هذا الدليل بناء على هذا المعنى يوجب التضييق من دائرة محمولات الأدلّة على الأحكام الواقعيّة ، فكلّ دليل يقتضي ثبوت حكم لموضوع فإنّه يكون محكوما بهذا الدليل ، بمعنى أنّ هذا الدليل يضيّق من سعته بعد أن كان واسعا ، فبعد أن كان الوجوب ثابتا لمطلق الوضوء مثلا كما هو مقتضى دليله فإنّه يصبح بمقتضى الآية الشريفة منفيّا لو صادف أن كان حرجيّا.
فالتضييق من جانب المحمول ( الوجوب ) في الآية الشريفة إنّما كان من الحكومة الواقعيّة بسبب أنّ الملحوظ حين اعتبار التضييق هو الوجوب الثابت للوضوء مثلا ، أو قل إنّ الملحوظ هو مطلق الأحكام الواقعيّة الثابتة بأدلّتها.
ولهذا فكلّ حكم حرجي فهو منفي بهذه الآية رغم أنّ مقتضى دليله هو الثبوت ، فالوجوب الذي ينشأ عنه الحرج أو الذي لا ينشأ منه الحرج ثابت بدليله إلاّ أنّ الآية الشريفة جاءت لتضيّق من دائرة الوجوب وذلك بنفي الوجوب الذي ينشأ منه الحرج.
وأمّا الحكومة الظاهريّة فهو أن يتصدّى الدليل الشرعي للتوسعة أو التضييف من دائرة محمولات أو موضوعات الأحكام الواقعيّة ولكن في مرحلة الظاهر ومقام الإثبات ، وهذا معناه أنّ الواقع لو انكشف بعد ذلك على خلاف ما اقتضاه اعتبار التوسعة أو التضييق فإنّ هذا الاعتبار يكون ساقطا.
وكيفيّة التعرّف على أنّ الحكومة ظاهريّة يتمّ بملاحظة دليل التوسعة أو التضييق ، فإن افترض فيه الشكّ في الحكم الواقعي فالحكومة ظاهريّة ، ومن هنا كانت الحكومة الظاهريّة في طول الواقع فهي وسيلة لإحرازه وطريق لإثباته.
ومثال الحكومة الظاهريّة الموسّعة لدائرة الموضوع هو ما لو قامت البيّنة على خمريّة هذا المائع ، فإنّ جعل الحجّيّة للبيّنة معناه اعتبارها وسيلة