باشتمال الدليل الحاكم على قرينة النظر للدليل المحكوم.
وعليه لا يشترط في الدليل الحاكم أن يكون وجوده لاغيا لو لا وجود الدليل المحكوم ـ كما هو الحال في الحكومة بملاك النظر ـ فالدليل الحاكم هنا يتعقّل صدوره دون أن يكون الدليل المحكوم موجودا.
ومثال الحكومة بملاك الرفع هو ما يقال من حكومة الأمارات على الاصول العمليّة الشرعيّة ، فإنّ الأمارة تنفي موضوع الأصل الشرعي تعبدا ، وذلك لأنّ موضوع الأصل هو الشك ومع قيام الامارة ينتفي الشك تعبدا.
مثلا : لو وقع الشك في حرمة لحم الأرنب فإنّ مقتضى أصالة البراءة هو الحليّة الظاهريّة ، فلو اتّفق ان قام الدليل الاجتهادي « الامارة » على حرمة لحم الأرنب فإن موضوع الأصل وهو الشك في الحرمة ينتفي تعبدا.
ومن هنا كان دليل الأمارة حاكما على دليل الأصل بمعنى انّه ناف لموضوع دليل الأصل ، وتلاحظون انّ الحكومة هنا غير منوطة بوجود قرينة على نظر دليل الامارة لدليل الأصل ، فإنّ دليل الأمارة الذي جعل الحجيّة لها لا يكون لاغيا لو افترض عدم وجود دليل الأصل ، وبذلك تفترق الحكومة بملاك الرفع عن الحكومة بملاك النظر.
هذا بناء على التقسيم الذي ذكره السيّد الخوئي رحمهالله للحكومة ، وأمّا بناء على ما ذكره السيّد الصدر رحمهالله فإنّ الحكومة دائما تكون بملاك النظر ، فرفع أحد الدليلين لموضوع الدليل الآخر لا يكون من الحكومة لو لم يشتمل الدليل الرافع على قرينة النظر ، وحينئذ يكون الرفع امّا بمناط الورود أو بمناط التخصيص ، على انّه يمكن توجيه المثال المذكور بنحو يثبت معه انّ الامارة ناظر لدليل الأصل ، وحينئذ تكون الحكومة بملاك النظر إلاّ انّ ذلك خارج عن المقصود.
* * *