كان الاتّحاد فيه بين الموضوع والمحمول من جهة الوجود.
وببيان أوضح وأدقّ : انّ الحمل الأولي هو ما يكون فيه المحمول ذاتيا للموضوع ، بمعنى انّه المقوم للذات أو جزء المقوّم ، فالمقصود من الذاتي هو الذاتي في باب الكليّات لا الذاتي في باب البرهان ، فكلما كان المحمول ذاتيا للموضوع فالحمل حينئذ يكون حملا أوليا.
ومن هنا قالوا انّ الحمل الأولي هو ما كان فيه المحمول حدّا للموضوع سواء كان حدّا تاما أو ناقصا. فتعريف الشيء بجنسه وفصله أو بجنسه أو بفصله يكون من الحمل الاولي لأنّه تعريف بنحو الحدّ التام أو الناقص.
وبتعبير آخر : عند ما يكون مؤلف القضيّة في مقام بيان حقيقة الموضوع وماهيّته فإنّه لا يصحّ بيان حقيقته إلاّ بواسطة حمل ذاتياته عليه ، وحينئذ يكون الحمل أوليا ذاتيا.
فحمل الحيوان الناطق أو الناطق أو الحيوان على الإنسان يكون حملا أوليّا ، وذلك لأنّ هذا الحمل مبيّن لماهيّة وحقيقة الإنسان.
وأمّا حمل الضاحك أو الماشي على الإنسان ، كأن يقال الإنسان ضاحك أو ماش فليس حملا أوليّا ، وذلك لأنّ المشي والضحك ليسا من ذاتيات الإنسان بل انّ الاول عرض عام والثاني عرض خاص ، ولذلك لا يحملون على الموضوع إذا كان الغرض بيان حقيقة وماهيّة الموضوع ، أي اذا ما كان الغرض بيان حدّ الموضوع.
وهكذا لو حملنا الزوجيّة على الأربعة فإنّ الحمل لا يكون أوليّا ، وذلك لأنّ الزوجيّة ليست من ذاتيّات الأربعة ، فلا هي مقوّم للاربعة ولا هي جزؤها المقوّم ، نعم هي ذاتي للاربعة بنحو الذاتي في باب البرهان ، وقد قلنا انّ الذاتي الذي يكون معه الحمل أوليا هو الذاتي في باب الكليّات.
وبما ذكرناه يتّضح انّ الحمل الاولي هو ما كان الموضوع ملحوظا بنحو صرف الذات ، أي انّ ماهية الموضوع