ومنشأ دعوى انّ الحجيّة الاولى غير الحجيّة الثانية وهكذا هو انّ الحجيّة للخبر مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة ، بمعنى انّ الحجيّة ثابتة لموضوعها المقدر الوجود ، وهذا يعني انحلال الحجيّة الى حجيّات متعدّدة بتعدّد أفراد الخبر المحرز بقطع النظر عن وسيلة الإحراز وانّه تمّ بواسطة الوجدان أو بواسطة حجيّة اخرى ثابتة لفرد آخر من أفراد الخبر.
الإشكال الثاني : وحاصله انّه يشترط في حجيّة كلّ خبر ان يترتب على مضمونه أثر شرعي من وجوب أو حرمة أو صحّة أو فساد أو طهارة أو ما الى ذلك ، وأمّا إذا لم يكن للخبر أثر شرعي فإنّ أدلّة الحجيّة لخبر الواحد قاصرة عن الشمول لمثل هذا الخبر ، وذلك للغوية أن يجعل الشارع الحجيّة لخبر لا يتّصل بأغراضه.
ومع اتّضاح هذه المقدّمة يتّضح سقوط الخبر الواقع في آخر سلسلة السند وكذلك اخبارات سائر الوسائط ، لانها جميعا لا تخبر عن مضمون ذي أثر شرعي ، فمضمون خبر الكليني هو انّ شيخه القمي أخبره ، وهذا الخبر ليس له أثر شرعي كما هو واضح.
ودعوى انّ ثبوت الحجيّة لخبر الكليني له أثر شرعي ، وهو ثبوت الحجيّة لخبر القمي ، والحجيّة من الآثار الشرعيّة. هذه الدعوى ليست تامة ، وذلك لأنّنا ذكرنا انّ الأثر الشرعي شرط في ثبوت الحجيّة والشرط لا بدّ من تقدّمه على المشروط وهو ثبوت الحجيّة ، فإذا افترضنا انّ الأثر الشرعي هو نفس الحجيّة صارت الحجيّة هي المحقّقة لشرط نفسها ، بمعنى انّها شرط ومشروط في آن واحد ، أمّا انّها شرط فلأنّها الأثر الشرعي المصحّح لثبوت الحجيّة للخبر ، وأمّا انّها مشروط فلأنّ ثبوت الحجيّة للخبر متوقّف على اشتماله على الأثر الشرعي.
ولكي يتّضح الإشكال أكثر نأخذ الواسطة الواقعة بعد الراوي المباشر للإمام عليهالسلام وهو في مثالنا « ابراهيم بن