نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو ممن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
______________________________________________________
أنزل مثل ما أنزل الله » عن عكرمة وابن عباس ومجاهد والسدي وإليه ذهب الفراء والزجاج والجبائي ، وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام وقال قوم نزلت في ابن أبي سرح خاصة ، وقال قوم : نزلت في مسيلمة خاصة ، « ثم قال » هذا استفهام في معنى الإنكار ، أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله فادعى أنه نبي وليس بنبي « أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ » أي يدعي الوحي ولا يأتيه ، ولا يجوز في حكمة الله سبحانه أن يبعث كذابا ، وهذا وإن كان داخلا في الافتراء ، فإنما أفرد بالذكر تعظيما « وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ » قال الزجاج : هذا جواب لقولهم : ولو نشاء لقلنا مثل هذا ، فادعوا ثم لم يفعلوا ، وبذلوا النفوس والأموال ، واستعملوا سائر الحيل في إطفاء نور الله ، وأبى الله إلا أن يتم نوره ، وقيل : المراد به عبد الله بن سعد ابن أبي سرح أملى عليه رسول الله ذات يوم « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » إلى قوله : « ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ » فجرى على لسان ابن أبي سرح « فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » فأملأه عليه ، وقال : هكذا أنزل فارتد عدو الله ، وقال : إن كان محمد صادقا فلقد أوحي إلى كما أوحى إليه ، ولئن كان كاذبا فلقد قلت كما قال ، وارتد عن الإسلام ، وهدر رسول الله صلىاللهعليهوآله دمه ، فلما كان يوم الفتح جاء به عثمان وقد أخذ بيده ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في المسجد ، فقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم أعاد فسكت ثم أعاد فسكت فقال : هو لك فلما مر قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأصحابه : ألم أقل من رآه فليقتله ، فقال : عباد بن بشر كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إلى فأقتله فقال صلىاللهعليهوآله الأنبياء لا يقتلون بالإشارة (١).
قوله عليهالسلام : « الذي كان استعمله عثمان على مصر » أقول : هذا أحد مطاعنه لعنه الله حيث أعطى الولاية على المسلمين من أهدر رسول الله صلىاللهعليهوآله : دمه وقد احتجوا عليه في ذلك وشنعوه به عند ما أرادوا قتله ، وتفصيله مذكور في كتب السير (٢).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ص ٢٣٥.
(٢) الأنساب للبلاذري ج ٥ ص ٤٩.