وإن وجهها لأهل السماء وقفاها لأهل الأرض ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها من شدة حرها ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ » (١).
______________________________________________________
حتى ترد إلى مطلعها.
قوله عليهالسلام : « معنى سجودها » يحتمل أن يكون من تتمة الخبر ، ولعل الأظهر أنه من الكليني أو من أحد الرواة.
قال البيضاوي : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ » يتسخر لقدرته ولا يتأبى عن تدبيره أو يدل بذله على عظمة مدبره و « من » يجوز أن يعم أولي العقل وغيرهم على التغليب فيكون قوله : « وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ » إفرادا لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها « وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ » عطف عليها ، إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهومية ، وإسناده باعتبار أحدهما إلى أمر ، وباعتبار الآخر إلى آخر ، فإن تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم ، أو مبتدأ خبره محذوف ، يدل عليه خبر قسيمه ، نحو حق له الثواب ، أو فاعل فعل مضمر ، أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة « وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ » بكفره وإبائه عن الطاعة ، ويجوز أن يجعل « وَكَثِيرٌ » تكريرا للأول ، مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب ، وأن يعطف به على الساجدين بالمعنى العام ، موصوفا بما بعده (٢). انتهى.
أقول : يحتمل أن يكون المراد بالسجود غاية التذلل والخضوع والانقياد التي تتأتى من كل شيء بحسب قابليته ، ويكون المراد بقوله تعالى : « مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ » الملائكة المسخرين في الأوامر التكوينية ، والمطيعين
__________________
(١) الحجّ : ١٨.
(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٨٨.