وأنه شكا إلى الله ما يصيبه من حر الشمس فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل عليهالسلام أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر الشمس فاغمزه غمزة وصير طوله سبعين ذراعا بذراعه واغمز حواء غمزة فيصير طولها خمسة وثلاثين ذراعا بذراعها
______________________________________________________
الحرارة ويؤيده ما روي في بعض الأخبار العامية في قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها.
والثاني : أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء ولا جبل ولا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك ، وبعد قصر قامته ارتفع ذلك وكان يمكنه الاستظلال بالأبنية وغيرها.
وأما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه شتى.
الأول : ما ذكره بعض الأفاضل من مشايخنا أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات آخر كل منها فيه استواء الخلقة ، ومن المعلوم أن أعضاءنا الآن ليست بقدر أعضاء آدم عليهالسلام وقامتنا ليست كقامته عليهالسلام ، فالقادر على خلقنا دونه في القدر على تقصير طوله عن الأول ، قادر على أن يجعل بعض أعضائه مناسبا للبعض بغير المعهود ، وذراع آدم عليهالسلام يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد ، وجعله ذا مفاصل ، أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به ، والحركة كيف شاء كما يمكن بهذا الذراع والعضد.
والثاني : ما ذكره الفاضل المذكور أيضا وهو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا ، وترك ذكر القدم أو الشبر لما هو متعارف شائع من كون الإنسان غالبا سبعة أقدام أو أن بقرينة المقام كان يعلم ذلك كما إذا قيل طول الإنسان سبعة تبادر منه الأقدام ، فيكون المراد به ، أنه صار سبعين قدما ، أو شبرا بالأقدام المعهودة في ذلك الزمان ، كما إذا قيل غلام خماسي ، فإنه يتبادر منه كونه خمسة أشبار ،