ثم أنشأ يحدث فقال إن تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات فإذا أراد الله عز ذكره أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى سماء الدنيا فيما أظن فيلقيه إلى السحاب والسحاب بمنزلة الغربال ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فامطري عليهم فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك فتقطر عليهم على النحو
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « إن تحت العرش بحرا » يدل على أن ماء المطر ينزل من السماء كما هو ظاهر الآية ، ولا عبرة بقول الطبيعيين أنه ينزل بعد البرد ما يتصاعد من بخارات الأرض ، فإنه كلام ظني لم يستدلوا عليه بدليل ، وما ادعوا من التجربة فبعد تسليم أن لهم طريقا إلى تجربة ذلك ، فلا يستقيم حكمهم كليا ، نعم يظهر من بعض الأخبار (١) أن المطر نوعان منه ما يصعد من البخار ، ومنه ما ينزل من السماء ، والثاني أكثر نفعا وأعظم بركة ، وكذلك يكون في زمن القائم عليهالسلام.
قوله : « فيما أظن » هذا كلام الراوي ، أي أظن أن الصادق عليهالسلام ذكر السماء الدنيا.
قوله عليهالسلام : « ثم يوحي إلى الريح أن أطحنيه وأذيبيه » ظاهره أن المراد أن ما ينزل من السماء برد ، فإذا أراد أن يصيره مطرا يأمر الريح أن يطحنه ويذيبه وآخر الخبر صريح في ذلك ، والآية أيضا يحتمل ذلك بل هو أظهر فيها بأن يكون مفعول ينزل الودق ، أي ينزل الودق من جبال ، لكن ذكر البحر سابقا لا يلائمه إلا أن يقال المراد أن تلك الجبال في ذلك البحر ، ويحتمل أن يكون الطحن والإذابة عن تفريق الماء في السحاب ، لئلا ينزل دفعة ، ولا في بعض المواضع أكثر من بعض ، فيكون اللام في قوله ـ الماء للعهد أي ماء المطر لكن ما سيأتي لا يقبل هذا الحمل ويحتمل أيضا أن يكون مرور ذلك الماء على تلك الجبال ، فبذلك ينجمد أو يختلط بذلك البرد ، والله يعلم.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٩ ص ٣٤٤ ـ ٣٧٨.