لم يكن ليصيبه أبدا وإن جهد فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم أو قول وليكن أسفك فيما فرطت فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا
______________________________________________________
لعل المراد بالآية والخبر نفي الأمر المانع عن التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال بقرينة ذكر الاختيال والفخر في الآية ، ويحتمل أن يكون المراد نفي الحزن الناشئ من توهم أنه قد حصل ذلك بكده وكان يمكنه رفع ذلك عن نفسه والفرح الناشئ من توهم أنه حصل ذلك بكده وسعيه وتدبيره وعلى التقديرين يستقيم التعليل والتفريع المستفادان من الآية والخبر.
وأما ما ذكره الشيخ الطبرسي ـ والذي يوجب نفي الأسى والفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك ، وإذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به ، وأيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد (١).
فلا مدخل لوجهيه في تصحيح التعليل إلا أن يتكلف في أولهما بأن التقدير يستلزم ضمان العوض وإيجاب الشكر ولذلك صار علة لعدم الحزن والفرح.
قوله عليهالسلام : « أو حكم » أي حكمة أو قضاء حق قضى به على نفسه أو غيره.
قوله عليهالسلام : « فلا تنعم به سرورا » أي لا تزد في السرور ولا تبالغ فيه أو لا تكن مرفه الحال بسبب السرور به.
قال الفيروزآبادي : التنعم : الترفه والاسم النعمة بالفتح نعم كسمع ونصر وضرب والنعمة ـ بالكسر ـ المسرة ونعم الله بك كسمع ونعمك وأنعم بك عينا أقر بك عين من تحبه أو أقر عينك بمن تحبه وأنعم الله صباحك من النعومة (٢) انتهى.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٤٠.
(٢) القاموس : ج ٤ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.