وقال لا تكن ضجرا ولا غلقا وذلل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك ومن له الفضل عليك فإنما أقررت بفضله لئلا تخالفه ومن لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه.
وقال لرجل اعلم أنه لا عز لمن لا يتذلل لله تبارك وتعالى ولا رفعة لمن لم يتواضع لله عز وجل.
وقال لرجل أحكم أمر دينك كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم فإنما جعلت الدنيا شاهدا يعرف بها ما غاب عنها من الآخرة فاعرف الآخرة بها ولا تنظر إلى الدنيا
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لا تكن ضجرا » أي متبرما عند البلايا.
قوله عليهالسلام : « ولا غلقا » بكسر اللام أي سيئ الخلق.
قال الجزري : الغلق بالتحريك ـ ضيق الصدر وقلة الصبر ، ورجل غلق : سيئ الخلق (١).
قوله عليهالسلام : « من خالفك » الظاهر أن المراد بمن خالفه من كان فوقه في العلم والكمال من الأئمة عليهمالسلام ، والعلماء من أتباعهم وما يأمرون به غالبا مخالف لشهوات الخلق ، فالمراد بالاحتمال قبول قولهم وترك الإنكار لهم وإن خالف عقله وهواه ، ويحتمل أن يكون المراد بمن خالفه سلاطين الجور وبمن له الفضل أئمة العدل ، فالمراد احتمال أذاهم ومخالفتهم.
قوله عليهالسلام : « فهو المعجب برأيه » بفتح الجيم أي عد رأيه حسنا ونفسه كاملا وهذا من أخبث الصفات الذميمة.
قال الجوهري : أعجبني هذا الشيء لحسنه ، وقد أعجب فلان بنفسه ، فهو معجب برأيه وبنفسه ، والاسم العجب بالضم (٢).
قوله عليهالسلام : « فاعرف الآخرة بها » أي كما أن أهل الدنيا بذلوا جهدهم في
__________________
(١) النهاية : ج ٣ ص ٣٨٠.
(٢) الصحاح : ج ١ ص ٣٤٨.