وأما قولك أشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا ولذلك قال إبراهيم عليهالسلام : « فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي » (١).
وأما قولك النسناس فهم السواد الأعظم وأشار بيده إلى جماعة الناس ثم قال « إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً » (٢).
______________________________________________________
فيكون قد أمر الرسول بالإفاضة مع أهل بيته ، وأبعد منه أن يأول على نحو ما ذكره جماعة من المفسرين (٣) بأن يكون المراد بالناس إبراهيم ، وسائر الأنبياء ويكون استدلاله عليهالسلام بأن الرسول صلىاللهعليهوآله أفاض بالناس أي معهم لا معية زمانية بل في أصل الفعل ، فالمراد أن ـ الناس ـ أطلق هنا على الأنبياء والأوصياء ونحن منهم.
قوله عليهالسلام : « السواد الأعظم » قال الفيروزآبادي : السواد من الناس : عامتهم (٤).
قوله تعالى : « بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً » وجه الأضلية إن البهائم معذورة لعدم القابلية والشعور ، وكانت لهم تلك القابلية ، فضيعوها ونزلوا أنفسهم منزلة البهائم أو أن الأنعام ألهمت منافعها ومضارها ، وهي لا تفعل ما يضرها ، وهؤلاء عرفوا طريق الهلاك ، والنجاة وسعوا في هلاك أنفسهم ، وأيضا تنقاد لمن يتعهدها ، وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان ، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ، ولا يتحرزون عن العقاب الذي هو أشد المضار.
أو لأنها إن لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ، ولم تكتسب شرا ، بخلاف هؤلاء ، وأيضا جهالتها لا تضر بأحد ، وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيجان الفتن ، وصد الناس عن الحق ، أو لأنها تعرف ربها ، ولها تسبيح وتقديس كما
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٣٦.
(٢) سورة الفرقان : ٤٤.
(٣) مجمع البيان : ج ٢ ص ٢٩٦.
(٤) لم نعثر عليه في القاموس. نعم ذكره الجزريّ في « النهاية ج ٢ ص ٤١٩ » ولعلّه من سهو قلم المصنّف (ره) أو النسّاخ.