ثم قال عليهالسلام وقد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير وتضيق عليهم الأرض برحبها فما يردهم عما هم عليه شيء مما هم فيه من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم ولا أذى بل « ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » فاسألوا ربكم درجاتهم واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « عما هم عليه » أي من دينهم الحق.
قوله عليهالسلام : « من غير ترة » أي مكروه أو جناية أصابوا منهم ، قال الفيروزآبادي : وتر الرجل أفزعه وأدركه بمكروه ، ووتره ماله ، نقصه إياه (١).
وقال الجزري : التره النقص ، وقيل : التبعة ، والتاء فيه عوض عن الواو المحذوفة ، مثل وعدته عدة (٢).
قوله عليهالسلام : « بل ما نقموا » إما من الانتقام أي لم يكن انتقامهم لجناية ومكروه ، بل لأنهم آمنوا بالله أو من الكراهة ، أي ما كرهوا وعابوا وأنكروا من أطوارهم شيئا إلا الإيمان ، لأنهم كانوا يكرهون الإيمان ، أو لم يكن فيهم عيب غير الإيمان الذي هو كمال ، فيكون على طريقة قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب (٣) |
قال الجوهري : نقمت على الرجل أنقم ـ بالكسر ـ فأنا ناقم إذا عتبت عليه يقال : ما نقمت منه إلا الإحسان ، ونقمت الأمر أيضا ونقمته إذا كرهته ، وانتقم منه أي عاقبه (٤) انتهى ، وهو إشارة إلى ما ذكره تعالى في قصة أصحاب الأخدود « وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » (٥).
__________________
(١) القاموس ج ٢ ص ١٥٧.
(٢) النهاية ج ١ ص ١٨٩.
(٣) البيت للنابغة الذيبانى ، والفَلَّة : الثلمة في السيف ، وجمعها فلول « النهاية : ٣ / ٤٧٢ » وقراع الكتائب : أي قتال الجيوش ومحاربتها. « النهاية ، ٤ / ٤٤ ».
(٤) الصحاح ج ٥ ص ٢٠٤٥.
(٥) سورة البروج : ٨.