من أنفسهم وتحويل عن طاعة الله والحادث من ذنوبهم وقلة محافظة وترك مراقبة الله جل وعز وتهاون بشكر نعمة الله لأن الله عز وجل يقول في محكم كتابه : « إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ » (١) ولو أن أهل المعاصي وكسبة الذنوب إذا هم حذروا زوال نعم الله وحلول نقمته وتحويل عافيته أيقنوا أن ذلك من الله جل ذكره بما كسبت أيديهم فأقلعوا وتابوا وفزعوا إلى الله جل ذكره بصدق من نياتهم وإقرار منهم بذنوبهم وإساءتهم لصفح لهم عن كل ذنب وإذا لأقالهم كل عثرة ولرد عليهم كل كرامة نعمة ثم أعاد لهم من صلاح أمرهم ومما كان أنعم به عليهم كل ما زال عنهم وأفسد عليهم
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « وتحويل عن طاعة الله » أي تحويل أنفسهم عنها والأظهر وتحول.
قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ » أي من النعمة والحالة الجميلة « حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » من الطاعة « وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً » أي عذابا وإنما سماه سوء لأنه يسوء « فَلا مَرَدَّ لَهُ » أي لا مدفع له ، وقيل : أراد الله بقوم بلاء من مرض وسقم فلا مرد لبلائه « وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ » يلي أمرهم ويدفع العذاب عنهم.
قوله عليهالسلام « إذا هم حذروا » كان في الكلام تقديرا أي ثم زالت النعمة عنهم ويحتمل أن يكون تقدير الكلام حذروا بزوال النعمة ، فيكون التحذير من قبل الله بسلب النعمة.
وفي نهج البلاغة « وأيم الله ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها ، لأن الله تعالى ليس « بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ » ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم وتزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم ووله من قلوبهم ، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد » (٢).
__________________
(١) سورة الرعد : ١١.
(٢) نهج البلاغة بتحقيق صبحي الصالح ص ٢٥٧ « المختار من الخطب ـ ١٧٨ ».