من أمر دنياك وآخرتك ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام إن الله كلف رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم يكلفه أحدا من خلقه كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه ولم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله ولا بعده ثم تلا هذه الآية « فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ » (١) ثم قال وجعل الله أن يأخذ له ما أخذ لنفسه فقال عز وجل
______________________________________________________
النبي صلىاللهعليهوآله ومن شغله ذكره عن مسألته أعطي أفضل ، ويدخل فيه كفاية ما يهمه في الدارين انتهى.
أقول : قد مر تفسير ذلك في كتاب الدعاء (٢) فيما رواه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عنه عليهالسلام وذكر نحوا مما هنا ، ثم قال : فقال له رجل أصلحك الله كيف يجعل صلاته له ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام لا يسأل الله تعالى إلا يبدأ بالصلاة على محمد وآله.
وروي هناك بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه سأله ما معنى أجعل صلاتي كلها لك؟ فقال : يقدمه بين يدي كل حاجة فلا يسأل الله تعالى شيئا حتى يبدأ بالنبي صلىاللهعليهوآله فيصلي عليه ، ثم يسأل الله حوائجه ، فعلى هذا يكون المراد بالصلاة أيضا الدعاء ، ويجعلها له تصديرها بالصلاة عليه ، لأنه لما جعل دعاءه تابعا للصلاة ، وعظمه بتصدير دعائه بالصلاة عليه ، فكأنه جعل دعواته كلها له (٣).
قوله تعالى : « لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ » قال البيضاوي : أي إلا فعل نفسك ، لا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم ، فتقدم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد ، فإن الله ناصرك لا الجنود (٤).
قوله عليهالسلام : « أن يأخذ له ما أخذ لنفسه » أي يأخذ العهد من الخلق في مضاعفة الأعمال له صلىاللهعليهوآله مثل ما أخذ في المضاعفة لنفسه ، أو يأخذ العهد بتعظيمه مثل ما
__________________
(١) سورة النساء : ٨٤.
(٢) لاحظ ج ١٢ ص ٩٩ و ٩١.
(٣) لاحظ ج ١٢ ص ٩٩ و ٩١.
(٤) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٢٣٣.