هذه الآية : « فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (١) أمير المؤمنين عليهالسلام يا فضيل لم يتسم بهذا الاسم غير علي عليهالسلام إلا مفتر
______________________________________________________
المشرك والموحد بالسالكين ، والدينين بالمسلكين ، ولعل الاكتفاء بما في الكب من الدلالة على حال المسلك للإشعار بأن ما عليه المشرك ، لا يستأهل أن يسمى طريقا كمشي المتعسف في مكان غير مستو ، وقيل المراد بالمكب الأعمى ، فإنه يتعسف فينكب ، وبالسوى البصير ، وقيل : من يمشي مكبا هو الذي يحشر على وجهه إلى النار ، ومن يمشي سويا الذي يحشر على قدميه إلى الجنة (٢).
قوله تعالى : « فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً » أي ذا زلفة وقرب.
قوله تعالى : « وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » قال البيضاوي : أي تطلبون وتستعجلون وتفتعلون من الدعاء أو تدعون أن لا بعث فهو من الدعوى (٣).
أقول : على تفسيره عليهالسلام الضمير راجع في المواضع إلى أمير المؤمنين ، أي لما رأوا أمير المؤمنين ذا قرب ومنزلة عند ربه في القيامة ، ظهر على وجوههم أثر الكآبة والانكسار والحزن ، فتقول الملائكة لهم مشيرين إليه عليهالسلام ، هذا الذي كنتم بسببه تدعون منزلته ، وتسميتم بأمير المؤمنين وقد كان مختصا به ، قال علي بن إبراهيم : إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين عليهالسلام إلى ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة ، وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع ، تسوء وجوه أعدائه فيقال لهم : « هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » منزلته وموضعه واسمه (٤).
قوله عليهالسلام : « لم يتسم » يدل على عدم جواز إطلاق هذا الاسم على غيره عليهالسلام من الأئمة ، وقد دلت عليه أخبار كثيرة أوردناها في كتاب بحار الأنوار في أبواب
__________________
(١) سورة الملك : ٢٨.
(٢ و ٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٩٢ ـ ٤٩٣.
(٤) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٧٩.