فأرسلوا إليه عروة بن مسعود وقد كان جاء إلى قريش في القوم الذين أصابهم المغيرة بن شعبة كان خرج معهم من الطائف وكانوا تجارا فقتلهم وجاء بأموالهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأبى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقبلها وقال هذا غدر ولا حاجة لنا فيه فأرسلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا يا رسول الله هذا عروة بن مسعود قد أتاكم وهو يعظم البدن قال فأقيموها فأقاموها.
فقال يا محمد مجيء من جئت؟
قال جئت أطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر هذه الإبل وأخلي عنكم عن لحمانها.
______________________________________________________
كذا ذكره الجوهري (١).
أقول : قوله عليهالسلام : « وقد كان جاء » كانت هذه القصة على ما ذكره الواقدي أنه ذهب مع ثلاثة عشر رجلا من بني مالك إلى مقوقس سلطان الإسكندرية ، وفضل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء فلما رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو مالك ذات ليلة خمرا وسكروا ، فقتلهم المغيرة حسدا وأخذ أموالهم ، وأتى النبي صلىاللهعليهوآله وأسلم فقبل صلىاللهعليهوآله إسلامه ولم يقبل من ماله شيئا ، ولم يأخذ منه الخمس لغدره ، فلما بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك ، فأتى عروة رئيس بني مالك وهو مسعود بن عمرة ، وكلمه في أن يرضى بالدية فلم يرض بنو مالك بذلك ، وطلبوا القصاص من عشائر المغيرة ، واشتعلت بينهم نائرة الحرب ، فأطفأها عروة بلطائف حيله ، وضمن دية الجماعة من ماله.
والإشارة إلى هذه القصة هيهنا لتمهيد ما سيذكر بعد ذلك من قوله : « والله ما جئت إلا في غسل سلحتك » فقوله : « جاء إلى قريش » أي عروة وقوله : « في القوم » أي لأن يتكلم ويشفع في أمر المقتولين وقوله « كان خرج » أي المغيرة.
__________________
(١) الصحاح : ج ٢ ص ٧٦٦.