قال لا واللات والعزى فما رأيت مثلك رد عما جئت له إن قومك يذكرونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم وأن تقطع أرحامهم وأن تجري عليهم عدوهم.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ما أنا بفاعل حتى أدخلها.
قال وكان عروة بن مسعود حين كلم رسول الله صلىاللهعليهوآله تناول لحيته والمغيرة قائم على رأسه فضرب بيده.
فقال من هذا يا محمد؟
فقال هذا ابن أخيك المغيرة.
فقال يا غدر والله ما جئت إلا في غسل سلحتك.
قال فرجع إليهم فقال لأبي سفيان وأصحابه لا والله ما رأيت مثل محمد رد عما
______________________________________________________
قوله : « ما رأيت مثلك رد عما جئت له » قال : هذا على سبيل التعجب ، أي ـ كيف يكون مثلك في الشرافة وعظم الشأن مردودا عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح أن يرد عنه أحد ، والحاصل أنك في جلالتك ينبغي أن لا ترد عن أي مقصد قصدته ، ومقصدك في الخيرية بحيث لا ينبغي أن يمنع عنه أحد ، ومع اجتماعهما يريد قومك أن يصدوك عن ذلك.
قوله : « تناول لحيته » أي لحية الرسول ، وكانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم ، ولجهله بشأنه صلىاللهعليهوآله وعدم إيمانه لم يعرف أن ذلك لا يليق بجنابة صلىاللهعليهوآله.
قوله : « يا غدر » بضم الغين وفتح الدال ـ قال الجوهري : الغدر : ترك الوفاء وقد غدر به فهو غادر وغدر وأكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم ، يقال : يا غدر وفي الحديث « ألست أبتغي في غدرتك » (١).
وقال الجزري : في حديث الحديبية « قال عروة بن مسعود للمغيرة : » يا غدر وهل غسلت غدرتك إلا بالأمس غدر : معدول عن غادر للمبالغة ، يقال للذكر غدر
__________________
(١) الصحاح : ج ٣ ص ٥٥٣.