فقال يا محمد ما كنت بغدار.
قال فذهب بأبي جندل فقال يا رسول الله تدفعني إليه؟
قال ولم أشترط لك قال وقال اللهم اجعل لأبي جندل مخرجا.
______________________________________________________
بعد فليس هذا داخلا فيما نقاضي عليه كما مر فيما أورده الطبرسي.
وقال الفاضل الأسترآبادي : قصده صلىاللهعليهوآله إنه ما قاضينا على شيء نافع لك فإنه كان عالما بأن أبا بصير بن أسيد وأبا جندل يتقلبان من المشركين في سبعين راكبا يسلمون على يد أبي جندل ويجتمع عليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة حتى يبلغوا ثلاثمائة مقاتل كلهم مسلمون لا يمر عليهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها وهو ما فهم قصد النبي صلىاللهعليهوآله ، انتهى ، ولا يخفى بعده.
قوله صلىاللهعليهوآله : « ولم أشترط لك » أي ليس هذا شرطا يخصك بل هذا شرط قاضينا عليه لمصلحة عامة المسلمين ، ولا بد من ذلك أو المراد لم تكن أنت داخلا في هذا الشرط لمجيئك قبل تمام الكتاب لكن هؤلاء يجبروننا عليه ، أو ما كنت اشترطت لك عليهم أن تكون مستثنى من ذلك ، فلا يمكننا الغدر معهم ، وهذا أظهر ويحتمل على بعد أن يكون إشارة إلى ما وعده صلىاللهعليهوآله بالخلاص والنجاة على سبيل الاستفهام الإنكاري ، أي ألم أشترط لك بالنجاة.
وقال ابن الأثير في الكامل : فبينا رسول الله يكتب الكتاب إذ جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما رأى سهيل ابنه أخذه وقال : يا محمد قد تمت القضية بينك وبيني قبل أن يأتيك هذا ، قال : صدقت وأخبره ليرده إلى قريش فصاح أبو جندل أنا معشر المسلمين أرد إلى المشركين ليفتنوني عن ديني ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : احتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن اتبعك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد أعطينا القوم عهودنا على ذلك فلا نغدر بهم (١).
__________________
(١) الكامل : ج ٢ ص ٢٠٤.