على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا فإن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الأمور.
فأجابه الرجل ويقال لم ير الرجل بعد كلامه هذا لأمير المؤمنين عليهالسلام فأجابه وقد عال الذي في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه وغصص الشجا تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته.
فحمد الله وأثنى عليه ثم شكا إليه هول ما أشفى عليه من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب جده وانقطاع ما كان من دولته ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجع وحسن الثناء فقال
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « إلا مناصحة الصدور » أي خلوصنا عن غش النفاق ، بأن يطوي فيه ما يظهر خلافه أو نصح الإخوان نصحا يكون في الصدر لا بمحض اللسان.
قوله : « وقد عال الذي في صدره » يقال : عالني الشيء أي غلبني ، وعال أمرهم اشتد.
قوله : « وغصص الشجا » الغصة ـ بالضم ـ ما اعترض في الحلق ، وكذا الشجا والشجو : الهم والحزن.
قوله : « لخطر مرزءته » الخطر ـ بالتحريك ـ : القدر والمنزلة والإشراف على الهلاك ، والمرزءة : المصيبة ، وكذا الفجيعة و ـ كونها ـ أي وقوعها وحصولها ، والضميران راجعان إلى أمير المؤمنين عليهالسلام والقائل كان عالما بقرب أو أن شهادته عليهالسلام فلذا كان يندب ويتفجع ، وإرجاعها إلى القائل بعيد.
قوله : « أشفى » أي أشرف عليه ، والضمير في قوله « إليه » راجع إلى الله تعالى.
قوله : « وانقلاب جده » الجد : البحث ، والتفجع والتوجع في المصيبة أي أسأل الله دفع هذا البلاء ، الذي قد ظن وقوعها عنه مع التفجع والتضرع.