فبلغ رسالته وجاهد في سبيله وعبده حتى أتاه اليقين صلىاللهعليهوآلهوسلم تسليما كثيرا.
أوصيكم عباد الله وأوصي نفسي بتقوى الله الذي ابتدأ الأمور بعلمه وإليه يصير غدا ميعادها وبيده فناؤها وفناؤكم وتصرم أيامكم وفناء آجالكم وانقطاع مدتكم فكأن قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم ـ فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ـ فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء فتجافوا عنها فإن المغتر من اغتر بها لن تعدو الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها المحبين لها المطمئنين إليها المفتونين بها أن تكون كما قال الله عز وجل : « كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا
______________________________________________________
الأولين بالعلية أي عذرا للمحقين ، ونذرا للمبطلين ، وعلى الثالث بالحالية ، ويمكن قراءتهما بضم الذالين وسكونهما كما قرئ بهما في الآية.
قوله عليهالسلام : « ويكون بلاغا » أي كفاية أو سبب بلوغ إلى البغية ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : « إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ » (١).
قوله عليهالسلام : « حتى أتاه اليقين » أي الموت فإنه متيقن لحوقه لكل حي مخلوق.
قوله عليهالسلام : « بدء الأمور » أي أولها.
قوله عليهالسلام : « وتصرم أيامها » قال الجوهري : التصرم : التقطع.
قوله عليهالسلام : « عن قليل » كلمة « عن » هنا بمعنى بعد ، أي بعد زمان قليل.
قوله عليهالسلام : « فتجافوا عنها » أي اتركوها وأبعدوا عنها.
قوله عليهالسلام : « لن تعدوا الدنيا » أي لا تتجاوز إذا انتهت إليها أو بلغت النهاية فيها أمنية أهلها عن تلك الحالة وهي « أن تكون كما قال الله تعالى » فقوله : « أن تكون » مفعول لقوله « لن تعدو » وقال الجوهري : عداه يعدوه : أي جاوزه ،
__________________
(١) سورة الأنبياء : ١٠٦.