وبدءا وعذرا ونذرا ، بحكم قد فصله وتفصيل قد أحكمه وفرقان قد فرقه وقرآن قد بينه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه وليقروا به إذ جحدوه وليثبتوه بعد إذ أنكروه فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه فأراهم حلمه كيف حلم وأراهم عفوه كيف عفا وأراهم قدرته كيف قدر وخوفهم من سطوته وكيف خلق ما خلق من الآيات وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات واحتصد من احتصد بالنقمات
______________________________________________________
التقادير يحتمل تعلقهما بقوله عليهالسلام : « سِراجاً مُنِيراً » وبقوله عليهالسلام : « داعِياً » أي كان سراجا منيرا أو داعيا أولا وآخرا وقيل : الهجرة عن مكة وبعد الرجوع إليها ، أو في جميع الأحوال ، أو باديا وعاديا.
قوله عليهالسلام : « عُذْراً أَوْ نُذْراً » كل منهما مفعول له لقوله ـ بعث ـ أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ، أو حال أي عاذرا ومنذرا.
قوله عليهالسلام : « بحكم » المراد به الجنس ، أي بعثه مع أحكام مفصلة مبنية وتفصيل في الأحكام قد أحكمه وأتقنه.
قوله عليهالسلام : « وفرقان » هو بالضم القرآن ، وكل ما فرق بين الحق والباطل والمراد بتفريقه إنزاله متفرقا أو تعلقه بالأحكام المتفرقة.
قوله عليهالسلام : « فتجلى سبحانه » قال ابن ميثم : أشار بتجليه سبحانه في كتابه إلى ظهوره لهم في تذكيرهم فيه ما أراهم من عجائب مصنوعاته ، وبما خوفهم به من وعيده ، وبتذكيرهم أنه كيف محق من القرون الماضية بالعقوبات ، واحتصد من احتصد منهم بالنقمات ، كل ذلك الظهور والجلاء من غير رؤية له تعالى عن إدراك الحواس. وقال بعض الفضلاء : يحتمل أن يريد بتجليه في كتابه ظهوره في عجائب مصنوعاته ومكوناته ، ويكون لفظ الكتاب استعارة في العالم (١) انتهى.
قوله عليهالسلام : « بالمثلات » بفتح الميم وضم الثاء أي العقوبات.
قوله عليهالسلام : « واحتصد » الاحتصاد قطع الزرع والنبات بالمنجد أي أهلكهم.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن ميثم : ج ٣ ص ١٩٩ : .