ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي الفئة الباغية كما قال الله تعالى فكان الواجب على أمير المؤمنين عليهالسلام أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله صلىاللهعليهوآله في أهل مكة إنما من عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنين عليهالسلام ـ بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي صلىاللهعليهوآله ـ بأهل مكة حذو النعل بالنعل قال قلت قوله عز وجل : « وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى » (١) قال هم أهل البصرة هي المؤتفكة قلت « وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ » (٢) قال أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لأنهم بايعوا طائعين » هذا لبيان كفرهم وبغيهم على جميع المذاهب فإن مذهب المخالفين أن مدار وجوب الإطاعة على البيعة فهم بايعوا غير مكرهين ، فإذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين.
قوله تعالى : « وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى » فسرها المفسرون بالقرى التي ائتفكت بأهلها ، أي انقلبت ، وهي قرى قوم لوط ، أهواها أي أسقطها بعد أن رفعها فقلبها (٣) وفسرها عليهالسلام بالبصرة ، وقد ورد في أخبار العامة والخاصة أنها إحدى المؤتفكات.
وفي تفسير علي بن إبراهيم أنها ائتفكت بأهلها مرتين ، وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة ، (٤) وفي النهاية وفي حديث أنس « البصرة إحدى المؤتفكات » يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها (٥) انتهى ، ولا استبعاد في حملها على الحقيقة.
__________________
(١) سورة النجم : ٥٣.
(٢) سورة التوبة : ٧٠.
(٣) مجمع البيان ج ٩ ص ١٨٣.
(٤) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٤٠.
(٥) النهاية : ج ١ ص ٥٦.