بعدم الاعتناء باحتمال الأهمّيّة ، وأنّ المرجع في مثل الفرض ونظائره هو التخيير ، بل قد يقوى في النظر أنّ هذا هو مقتضى الأصل لا الاحتياط ؛ حيث إنّ الأمر دائر بين أن يكون الواجب أحد الأمرين عينا أو تخييرا ؛ إذ لم تثبت أهمّيّة أحد الأمرين ، فمن الجائز مساواتهما في الواقع ، وقد تقرّر في محلّه أنّ مقتضى الأصل التخيير عند دوران الأمر بينه وبين التعيين.
اللهمّ إلّا أن يقال : هذا إنّما هو في التكاليف الابتدائيّة ، لا في مثل المقام الذي تعلّق الوجوب بكلّ منهما عينا ثمّ علم إجمالا بواسطة الضرورة ارتفاع التكليف عن أحدهما المردّد بين المعيّن والمخيّر ؛ فإنّ مقتضى الأصل في مثل الفرض : بقاء أحدهما على ما كان من الوجوب العيني ، ومقتضاه وجوب الاحتياط عند تردّده بين الأمرين. وكون جريان الأصل في كلّ واحد منهما معارضا بجريانه في الآخر غير مانع عن جريانه بالنسبة إلى أحدهما على سبيل الإجمال ، الذي أثره ـ على تقدير بقاء وجوبه ـ وجوب الاحتياط.
ولا يعارضه حينئذ الأصل بقاء الآخر على ما كان ؛ للقطع بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما إمّا بارتفاع وجوبه رأسا ، أو صيرورته واجبا تخييريّا بعد أن كان عينيّا ، فليتأمّل.
وربما استشهد للقول بالتخيير أيضا بإطلاق قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) (١).
وفيه نظر ؛ فإنّ إطلاقه وارد مورد حكم آخر ، والله العالم.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٣٩.