إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على أنّ الكعبة هي التي كانت مقصودة بالاستقبال.
وقد استشهد أصحاب القول الأوّل بهذه الأخبار ونظائرها لإثبات الجزء الأوّل من مدّعاهم ـ وهو : كون العين قبلة لمن تمكّن من العلم بها ـ وللجزء الثاني : بما في جملة من هذه الأخبار من الإشارة إلى أنّ البعيد يتوجّه نحوها ، فإنّ الظاهر منها إرادة الجهة ، كما أنّها هي التي تتبادر من قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١).
وأظهر منها في الدلالة على أنّها هي العين للقريب والجهة للبعيد : ما عن احتجاج الطبرسي رحمهالله بإسناده عن العسكري عليهالسلام في احتجاج النبيّ صلىاللهعليهوآله على المشركين ، قال : «إنّا عباد الله مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا ، [و] ننزجر عمّا زجرنا ـ إلى أن قال ـ : فلمّا أمرنا أن نعبده بالتوجّه إلى الكعبة أطعنا ، ثمّ أمرنا بعبادته بالتوجّه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا ، فلم نخرج في شىء من ذلك من اتّباع أمره» (٢).
هذا ، مع أنّ المتبادر من الأمر باستقبال الكعبة ونحوها ليس إلّا إرادة جهتها بالنسبة إلى البعيد الغير المتمكّن من العلم بها ، كما سنوضّحه إن شاء الله.
وأظهر منها دلالة على انحصار القبلة في الكعبة عينا أو جهة : خبر عبد الله بن سنان ـ المروي عن أمالي الصدوق ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ لله عزوجل
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٤٤.
(٢) الاحتجاج : ٢٧ ، بحار الأنوار ٨٤ : ٧١ / ٣٠ ، وما بين المعقوفين من المصدر.