المتحيّر.
نعم ، يحتمل قويّا كون حال السفر في الخبرين جاريا مجرى التمثيل أريد به حال الحاجة إلى السير في الأرض ، كما هو الغالب في السفر ، لا حال السفر من حيث هو ، ولذا لا ينسبق إلى الذهن منه إلّا إرادة حال الضرب ، لا الاستقرار في المنزل ، مع أنّ حال السفر أعمّ منهما ، فليتأمّل.
وممّا يدلّ على المدّعى أيضا ـ مضافا إلى إطلاقات الأدلّة ـ خصوص صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابّة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة أو كنت مستعجلا بالكوفة ، فقال : «إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوّفت فوت ذلك إن تركته وأنت راكب فنعم ، وإلّا فإنّ صلاتك على الأرض أحبّ إليّ» (١) فإنّ ظاهرها جواز فعلها على ظهر الدابّة ، ولكنّ الأفضل إيقاعها على الأرض بالنزول عند عدم الاستعجال ، أو التأخير عند عدم خوف الفوت.
وقد أشرنا آنفا إلى أنّ عدم التصريح بنفي شرطيّة الاستقبال في مثل هذه الروايات غير قادح في الاستدلال ؛ حيث إنّ المنساق إلى الذهن منها إرادة الإتيان بها راكبا على حسب ما تقتضيه العادة من التوجّه نحو المقصد ، فلا ينبغي الاستشكال في جواز النافلة ماشيا وراكبا مطلقا في السفر والحضر ، كما هو المشهور.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ / ٦٠٥ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ١٢.