السابقة على الأشبه ؛ فإنّ غاية ما يمكن استفادته من الأدلّة إنّما هو اعتبار الظنّ بالقبلة في إحرازها لما يجب الاستقبال له عند تعذّر العلم بمعنى اكتفاء الشارع في مقام امتثال الأمر بالاستقبال بالامتثال الظنّي عند تعذّر العلم مشروطا بعدم انكشاف خلافه في الوقت ، وهذا لا يقتضي كون الظنّ طريقا تعبّديّا لإثبات متعلّقه على الإطلاق بحيث يرفع به اليد عن مقتضيات الأدلّة والأصول المعتبرة المنافية له ، كالبيّنة ونحوها ممّا جعلها الشارع كالعلم في إثبات متعلّقاتها ، بل حال الظنّ بالقبلة حال الظنّ بالأحكام الشرعيّة على القول بحجّيّته بحكم العقل عند انسداد باب العلم بالأحكام في أنّه يجب الاقتصار في التعويل على الظنّ على مورد انسدّ فيه باب العلم ولم يكن هناك أصل أو دليل معتبر ، وإلّا فالمرجع هو ذلك الأصل أو الدليل دون الظنّ ، فالصلاة الواقعة حال الاجتهاد الأوّل صلاة فرغ منها ، فهي محكوم بصحّتها ما لم يعلم بفسادها حقيقة أو حكما ، أي بدليل معتبر ؛ لقاعدة الصحّة ، وكون الظنّ بالقبلة حجّة في تشخيص القبلة لا يستلزم كونه حجّة في إثبات كون الصلاة الواقعة فيما سبق مستدبر القبلة ؛ لجواز التفكيك بين الظنون ، فالأوّل ظنّ معتبر ، والثاني لا دليل على اعتباره ، فلا يلتفت إليه في مقابل أصالة الصحّة.
إن قلت : سلّمنا ذلك ، ولكن بعد أن صلّى العصر ـ مثلا ـ بالاجتهاد الثاني إلى عكس الجهة التي صلّى الظهر إليها يعلم إجمالا قبل خروج وقت الصلاتين بوقوع إحداهما إلى دبر القبلة ، فهي باطلة يجب عليه إعادتها ، ولا تجري أصالة الصحّة بعد العلم الإجمالي باشتمال إحدى الصلاتين على خلل ، كما لا يخفى.