أقول : ولكنّ الظاهر أنّ كثيرا من الأصحاب لم يصرّحوا بعموم المنع عن كلّ شيء ممّا لا يؤكل لحمه ، كما هو المدّعى ، بل خصّوا بعض الأجزاء بالذكر ، كالشعر والوبر والصوف ، فيشكل نسبة الكلّيّة إليهم ، بل قد يستظهر منهم خلاف ذلك ، فإنّه قد يقال بل قيل : إنّ اقتصار أساطين الأصحاب ـ قديما وحديثا إلى زمن بعض متأخّري المتأخّرين ـ على الجلد والشعر والوبر والصوف والعظم ظاهر في عدم البأس بغير ذلك من فضلاته (١).
ولكن يحتمل قويّا كون التخصيص جاريا مجرى التمثيل المناسب للّباس ، كما هو محلّ كلامهم.
ولكنّ الجزم بذلك ونسبة المنع إليهم على سبيل العموم لا يخلو عن إشكال.
وكيف كان فعمدة مستند الحكم على سبيل الكلّيّة : موثّقة ابن بكير ، المتقدّمة (٢) الدالّة على فساد الصلاة في كلّ شيء ممّا حرم أكله من شعره ووبره وروثه وألبانه وكلّ شيء منه ، ووجوب إعادتها.
ويدلّ عليه أيضا في خصوص الشعر والوبر أخبار مستفيضة تقدّم جملة منها في مسألة الصلاة في جلد غير المأكول ، والظاهر أنّ المراد بالشعر والوبر فيها ما يعمّ الصوف ، مع أنّه لا قائل بالفصل بينها.
هذا ، مع أنّ عموم الموثّقة أغنانا عن مثل هذه الدعاوي ، وقد تقدّم فيما سبق
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ٨ : ٦٨.
(٢) في ص ٢٠٠.