وهذه الأخبار وإن كانت مضمرة لكنّها معتضدة بموافقة المشهور ومخالفة الجمهور ، مع أنّ احتمال كون المكتوب إليه غير المعصوم في غاية البعد خصوصا في خبر عليّ بن مهزيار ، فيشكل رفع اليد عنها بعد الاعتضاد بما عرفت.
وربما يؤيّدها أيضا ما يستشعر من بعض الأخبار المتقدّمة (١) الواردة في شعر الإنسان وغيره من معروفيّة المنع عن استصحاب أجزاء غير المأكول لدى الشيعة من صدر الشريعة ، فلا يكافؤها الصحيحة المتقدّمة (٢) ، فإنّها وإن كانت أقوى من حيث السند ولكنّها موهونة بمخالفة المشهور وموافقة الجمهور ، مع ما فيها من القرائن الداخليّة والخارجيّة المورثة لغلبة الظنّ بصدورها تقيّة ، فإنّ ما تضمّنته من المنع عن الحرير المحض مطلقا حتّى في مثل التكّة التي وقع عنها السؤال ـ كما يقتضيه إطلاق الجواب ـ والرخصة في الصلاة في الوبر مشروطا بالذكاة موافق للمحكيّ عن أحمد بن حنبل (٣) الذي شاعت التقيّة منه في زمان العسكري عليهالسلام على ما قيل (٤) ، وفي الأخبار المتقدّمة وغيرها أيضا شهادة بكون المورد مظنّة للتقيّة ، فيشكل الاعتماد على مثل هذه الصحيحة على تقدير سلامتها عن المعارض ، حيث إنّها شبيهة بقول الناس ، وقد أمرنا في بعض الأخبار بطرح ما يشبه قولهم (٥) ، فهي لا تصلح لتخصيص العمومات فضلا عن مكافئة الأخبار
__________________
(١) في ص ٢٢٨.
(٢) في ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧ و ٢٣٦.
(٣) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٨٥.
(٤) القائل هو صاحب الجواهر فيها ٨ : ٨٦.
(٥) التهذيب ٨ : ٩٨ / ٣٣٠ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤٦.