المدارك حيث لا يعتمد على الموثّقة لا يتوجّه عليه هذا الاعتراض.
وثانيا : أنّ المتبادر من النواهي أيضا ليس إلّا ما أفاده الموثّقة من كونها مسوقة لبيان الحكم الوضعي ؛ فإنّ هذا هو المنساق إلى الذهن من الأوامر والنواهي المتعلّقة بكيفيّات العمل.
وثالثا : سلّمنا أنّ المتبادر منها إرادة الحكم التكليفي ـ أعني الحرمة النفسيّة ـ ولكن نقول : اختصاص الشرطيّة المستفادة منها بصورة العلم إنّما هو فيما إذا كانت المسألة من باب اجتماع الأمر والنهي ، كالصلاة في الدار المغصوبة ، التي لا مانع عن تعلّق التكليف بها إلّا مزاحمة جهة الغصب بحيث لو لا المزاحمة لكانت مأمورا بها بالفعل ، وأمّا ما نحن فيه فهو من قبيل النهي في العبادات ، وقد تقرّر في محلّه أنّ تعلّق النهي ببعض أفراد العبادة كاشف عن خروج ذلك الفرد عمّا تعلّق به حكم تلك العبادة ، فلو قال الشارع : صلّ ، ثمّ قال : لا تصلّ في الحرير ، يكون كلامه الثاني مخصّصا لإطلاق كلامه الأوّل وكاشفا عن أنّ مراده بالأمر بالصلاة هو الصلاة في غير الحرير ، فلو صلّى في الحرير غافلا أو ناسيا ، لم تصحّ ؛ فإنّه وإن لم يتنجّز في حقّه النهي ولكن عمله غير مأمور به ، وهذا بخلاف مسألة الاجتماع ، التي نشأ البطلان من قبل المزاحمة ، وتمام التحقيق موكول إلى محلّه.
وإن أراد ما احتملناه في عبارته من دعوى الانصراف ، ففيه : أنّ هذه الدعوى وإن صدرت من بعض في مطلق النواهي الشرعيّة لكنّها عارية عن الشاهد ، بل الشواهد بخلافها ؛ فإنّ المتبادر من تحريم الخمر ، مثلا ـ سواء كان بصيغة النهي أو بلفظ الحرمة ـ إنّما هو إرادة ما هو خمر في الواقع ، وإحراز