صورة العلم بالموضوع ، لا لدعوى أنّ الألفاظ أسامي للمعاني المعلومة ، بل بدعوى أنّ المتبادر عرفا من النهي عن شيء إرادة المنع عن أفراده المعلومة ، أو أنّ محطّ نظره فيما ادّعاه ـ من عدم ثبوته إلّا مع العلم ـ ما شاع في ألسنة بعض المتأخّرين من التفصيل بين ما لو وقع التعبير عن جزئيّة شيء أو شرطيّته بصيغة الأمر والنهي أو بصيغة الإخبار ، فعلى الثاني يثبت اعتباره في ماهيّة المشروط على الإطلاق ، وعلى الأوّل يختصّ اعتباره بغير صورة الجهل والنسيان ونظائرهما.
ولكن قد ينافي هذا الاحتمال استشهاده بالصحيحة التي لا ينساق منها إلّا إرادة الحكم التكليفي ، فليتأمّل.
ويحتمل أيضا أن يكون نظره إلى التفصيل بين الشرط والمانع ، فيجب في الأوّل إحرازه في مقام الامتثال ، ويكفي في الثاني عدم العلم بتحقّقه ، فرأى طبيعة الستر من حيث هي شرطا ، ووقوع الصلاة في غير المأكول من الموانع ، فلا تثبت مانعيّته إلّا مع العلم.
ولكن يبعّد هذا الاحتمال أيضا ـ كسابقه ـ استشهاده بالصحيحة ، بل قد ينافيه ما ذكره في مبحث الخلل حيث عبّر عنه بلفظ الشرط (١) ، فليتأمّل.
وكيف كان فإن أراد الأوّل ـ كما هو الظاهر ـ ففيه أوّلا : أنّ دليل المنع غير منحصر ـ في النواهي المتعلّقة بالصلاة ـ في غير المأكول ، بل عمدته موثّقة (٢) ابن بكير ، التي وقع فيها التصريح بفساد الصلاة الواقعة على الإطلاق ، ولكن صاحب
__________________
(١) راجع الهامش (٣) من ص ٢٤١.
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٢٠٠ ، الهامش (٢).