عدمه دخيلا في الصحّة ، فتسمية عدم المانع شرطا مسامحة ، كيف! وقد جعلوه قسيما للشرط.
نعم ، هو شرط عقليّ بمعنى أنّ العقل ينتزع من مانعيّة الوجود شرطيّة العدم ، فيراه من أجزاء العلّة بنحو من الاعتبار ، لا على سبيل الحقيقة ؛ إذ لا يعقل أن يكون العدم جزءا من شيء حقيقة ، فصحّة الصلاة وسقوط الأمر المتعلّق بها من آثار الإتيان بأجزائها جامعة للشرائط المعتبرة في قوام ذاتها عند انتفاء ما يؤثّر في فسادها ، فالمعتبر في صحّة الصلاة هو أن لا يوجد المانع عنها حين فعلها ، فعدم وجود المانع حال فعل الصلاة هو الشرط في صحّتها ، وهو موافق للأصل ، لا اتّصافها بوجودها بلا مانع كي يقال : إنّ هذا ممّا ليس له حالة سابقة حتّى تستصحب ، واستصحاب عدم وجود ما يمنع عن فعل الصلاة أو عدم استصحاب المصلّي لما لا يؤكل لحمه غير مجد في إثباته ؛ لعدم الاعتداد بالأصول المثبتة ، ولو أمعنت النظر فيما بيّنّاه وجها لحجّيّة الاستصحاب عند التكلّم في الشكّ في وجود الحاجب في باب الوضوء في مسألة من توضّأ وكان بيده سير أو خاتم (١) ، وكذا لو تأمّلت فيما حقّقناه في آخر كتاب الطهارة عند البحث عن جريان أصالة عدم التذكية في الجلد المشكوك كونه من الميتة (٢) ، لحصل لك مزيد إذعان وزيادة بصيرة في تنقيح مجاري الأصول.
فالمهمّ في المقام ـ على ما ذكرناه ـ هو البحث عن أنّه هل يستفاد من
__________________
(١) راجع ج ٣ ، ص ٦٠.
(٢) راجع ج ٨ ، ص ٣٧٦.