دون وبرها ، بل وكذا الاحتمال الثاني ، أي كونها نجس العين كسائر الكلاب ؛ إذ لا يبقى مجال لهذا الاحتمال بعد تعارف لبسها بين المسلمين والعلم بطهارة وبرها ومشاهدة كونه ملبوس الإمام عليهالسلام ، فالملحوظ فيها ـ بحسب الظاهر ـ لم يكن إلّا الجهة الثالثة ، والمتبادر من السؤال عن الجلود من هذه الجهة إرادة لبسها في الصلاة ؛ لما أشرنا إليه من أنّ معهوديّة المنع عن الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه في الجملة توجب صرف السؤال عن شيء منها إلى الجهة التي فيها مظنّة المنع ، لا مطلق لبسه الذي لا منشأ لتوهّم المنع عنه من غير جهة نجاسته ، فليتأمّل.
واستدلّ له أيضا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سأل أبا عبد الله عليهالسلام رجل ـ وأنا عنده ـ عن جلود الخزّ ، فقال : «ليس بها بأس» فقال الرجل : جعلت فداك إنّها في بلادي ، وإنّما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟» فقال الرجل : لا ، قال : «لا بأس» (١).
ونوقش في هذه الصحيحة أيضا : بأنّه ليس فيها تصريح بالصلاة.
ويمكن دفعه بأنّ المتبادر من نفي البأس عن جلود الخزّ إرادة نفي البأس عن الاستعمالات المتعارفة في نوعه ، فكما يفهم من ذلك نفي البأس عن لبسه مع عدم وقوع التصريح باللّبس أيضا ، فكذلك يفهم منه جواز اتّخاذه ثوبا شتويّا على حدّ سائر ثيابه التي يصلّي فيها ، كما هو المتعارف في نوعها ، فلو كان جوازه مخصوصا بغير حال الصلاة ، لم يكن يحسن إطلاق نفي البأس في مقام الجواب.
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٥١ / ٣ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.