نعم ، لو كان السؤال متعلّقا بخصوص لبسه ، لأمكن دعوى أنّ إطلاق الجواب منزّل عليه من حيث هو. ولكنّه ليس كذلك ، بل السؤال تعلّق بنفس الجلود بلحاظ استعمالاتها المتعارفة ، ومن الواضح أنّ اتّخاذها ثوبا شتويّا يصلّى فيه من أوضح مصاديقها المتعارفة.
وإن أبيت إلّا عن الخدشة في دلالة هذه الصحيحة وسابقتها ، فلا أقلّ من كونهما مؤيّدتين لغيرهما من الأخبار المتقدّمة مع اعتضاد الجميع بالأخبار الدالّة على جواز الصلاة في وبره ، فإنّ ثبوت الرخصة في الوبر ممّا يقرّب نفي البأس عن جلده أيضا ؛ لاشتراكهما فيما يقتضي المنع ، أي كونه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه.
فالأقوى ما نسب إلى المشهور من جواز الصلاة في جلده أيضا كوبره ، بل قد يستفاد من خبر (١) ابن أبي يعفور الجواز في باقي أجزائه. ولعلّ عدم ذكر الأصحاب ذلك ؛ لعدم تعارف استعمال ما عداهما ، فالقول به لا يخلو عن قوّة.
بل ربّما يظهر من الخبر المزبور كونه ممّا يحلّ أكله.
ولكنّه يشكل الاعتماد على هذا الظاهر ؛ لمخالفته للمشهور بل المجمع عليه ، فإنّه لم ينقل الالتزام به عن أحد.
نعم ، ذهب صاحب الحدائق (٢) إلى حلّيّة صنف منه ، ونزّل الرواية عليه ، مستشهدا لذلك ببعض الأخبار التي تحقيقها موكول إلى محلّه.
وقد ذكر جماعة من علمائنا ـ على ما في الوسائل (٣) ـ أنّه ليس المراد هنا حلّ لحمه ، بل حلّ استعمال جلده ووبره والصلاة فيهما.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٥٥ ، الهامش (١).
(٢) الحدائق الناضرة ٧ : ٦٦ ـ ٦٧.
(٣) وسائل الشيعة ، ذيل ح ٤ من الباب ٨ من أبواب لباس المصلّي.