التدقيق في أمر القبلة ، وأنّه أوسع من ذلك ، وما حاله إلّا كأمر السيّد عبده باستقبال بلد من البلدان النائية ، الذي لا ريب في تحقّق [امتثال العبد له] (١) بمجرّد التوجّه إلى جهة تلك البلد من غير حاجة إلى رصد وعلامات وغيرها ممّا يختصّ بمعرفته أهل الهيئة ، المستبعد بل الممتنع تكليف عامّة الناس من النساء والرجال خصوصا السواد منهم بما عند أهل الهيئة ، الذي لا يعرفه إلّا الأوحديّ منهم.
وفي اختلاف هذه العلامات التي نصبوها وخلوّ النصوص عن التصريح بشيء من ذلك سؤالا وجوابا ـ عدا ما ستعرفه ممّا ورد في الجدي من الأمر تارة بجعله بين الكتفين وأخرى بجعله على اليمين ممّا هو ـ مع اختلافه وضعف سنده وإرساله ـ خاصّ بالعراقي ـ مع شدّة الحاجة لمعرفة القبلة في أمور كثيرة خصوصا في مثل الصلاة التي هي عمود الأعمال ، وتركها كفر ، ولعلّ فسادها ولو بترك الاستقبال أيضا كذلك ، وتوجّه أهل مسجد قبا في أثناء الصلاة لمّا بلغهم انحراف النبيّ صلىاللهعليهوآله (٢) ، وغير ذلك ممّا لا يخفى على العارف بأحكام هذه الملّة السهلة السمحة أكبر شاهد على شدّة التوسعة في أمر القبلة ، وعدم وجوب شي ممّا ذكره هؤلاء المدقّقون.
وربما يستشعر من العبارة المتقدّمة (٣) عن صاحب المدارك بل يظهر منها خصوصا بضميمة ما ذكره قبل هذه العبارة ـ من المناقشة في وجوب استقبال عين
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «امتثاله العبد». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١١١ ، صحيح مسلم ١ : ٣٧٥ / ٥٢٦ ، الموطّأ ١ : ١٩٥ / ٦ ، سنن النسائي ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، مسند أحمد ٢ : ١٦.
(٣) في ص ٢٧.