الواجب والمستحبّ ، أي مطلق الطلب الصالح للوجوب والاستحباب ، مدفوعة :
أوّلا : بأنّ المتبادر من الأمر في مثل هذه الموارد بالنسبة إلى ما عدا ما ثبت استحبابه ليس إلّا الوجوب ، ألا ترى أنّه لو أمر المولى عبده بإحضار أشياء كأنواع من الأطعمة ، وعلم من الخارج أنّ بعض تلك الأشياء غير لازم لديه ، لم يجز رفع اليد عن ظاهر أمره بالنسبة إلى ما لم يعلم فيه ذلك بالضرورة.
وثانيا : أنّ القدر المشترك بين النوعين وإن أمكن تصوّره والتلفّظ به لكن لا يمكن إنشاؤه بلفظ ؛ إذ الجنس لا يتحقّق بلا فصل ، فهذا الأمر الشخصي المتعلّق بتلك الأشياء على سبيل الإجمال فرد من الطلب يجب اندارجه تحت نوع ، فهو إمّا من القسم البالغ حدّ الإلزام ، أم لا ، ولا يعقل أن يتردّد بين الأمرين.
نعم ، لا نتحاشى عن أنّه قد يصدر من المولى مرتبة من الطلب لا تبلغ في حدّ ذاته مرتبة اللزوم ، كما فيما يطلبه منه على سبيل الترجّي أو التمنّي أو الالتماس ونحوه ، ولكن هذا النحو من الطلب خارج عن محلّ الكلام ؛ إذ الكلام في القسم الذي يراد من صيغة «افعل» أو «لا تفعل» على سبيل التنجيز.
فنقول : هذا القسم من الطلب هو في حدّ ذاته إلزاميّ ، ولكن لا دلالة فيه على كون المطلوب لازما لدى المولى ، فإنّ هذا شيء خارج عن مدلول الصيغة ، وإنّما مدلوله إلزام العبد به ، أي طلبه منه على سبيل التنجيز ، فيجب على العبد بحكم العقل الإتيان به ، إلّا أن يدلّ دليل عقليّ أو نقليّ على عدم لزومه لدى المولى ، وأنّه لا يؤاخذه على مخالفته.
والحاصل : أنّ الأوامر ـ التي يستفاد منها وجوب الفعل أو استحبابه ـ على