قسمين : إرشاديّ ومولويّ.
أمّا الإرشاديّ : فهو ما كان مسوقا لبيان لزوم الفعل أو ندبه لا بلحاظ كونه مطلوبا بهذا الطلب ، بل من حيث هو بلحاظ المصلحة الكامنة فيه دنيويّة كانت أم أخرويّة ، وهذا هو المنساق إلى الذهن من الأوامر المعلّلة بما يترتّب على متعلّقاتها من المصلحة ، كما في قولك : «أسلم حتى تدخل الجنّة» والأوامر الصادرة على سبيل الوعظ والإرشاد والحثّ على الخروج عن عهدة التكاليف ، والأوامر المسوقة لبيان كيفيّة الأعمال من العبادات والمعاملات ، والأوامر الواردة في المستحبّات لا يبعد أن يكون أغلبها من هذا القسم ، ولا تأمّل في أنّ إرادة هذا المعنى من صيغة «افعل» خلاف ما يقتضيه وضعه.
وأمّا المولويّ : فهو ما كان الغرض منه بعث المأمور على الفعل ، كما في قول الوالد لولده أو السيّد لعبده : «ناولني الماء» عند إرادة شربه ، وهذا القسم هو محلّ كلامنا ، كما أنّه هو المتبادر من صيغة «افعل».
فنقول : إذا كان مقصود المولى من قوله لعبده : «اشتر الخبز والجبن والبصل» مثلا : بعثه على شراء هذه الأشياء وإحضارها لديه ، فلا نعقل فرقا فيما يريده من لفظه بين أن يكون بعض هذه الأشياء أو جميعها غير مهمّ لديه بحيث لا يؤاخذه على مخالفته ، أو كون جميعها مهمّا لديه ، سواء طلب الجميع بأمر واحد أو بأوامر متعدّدة ، فإنّ مراده بلفظه على جميع التقادير ليس إلّا بعثه على الفعل الذي تعلّق به طلبه ، وصدق هذا المعنى ـ أي إرادة إيجاد المتعلّق في الجميع على سبيل التواطؤ والتشكيك ـ إنّما هو فيما بعثه على الطلب ، أي المصلحة التي