أحرزها في الفعل ودعته إلى الأمر بإيجاده ، وبعد أن دعته المصلحة إلى الأمر بالإيجاد فلا نرى حينئذ تفاوتا فيما يريده بقوله : «اشتر» إلّا أنّ تلك المصلحة الباعثة له على الطلب قد لا تكون لديه لازمة التحصيل ، فيبيّن ذلك لعبده بقرينة منفصلة ، فيقول مثلا : «البصل الذي أمرتك به ليس بواجب» فيعلم من ذلك أنّ أمره المتعلّق به كان على جهة الاستحباب ، لا أنّ مراده بتلك العبارة كان معنى غير ما فهمه من كلامه.
اللهمّ إلّا أن يستكشف من ذلك أنّه لم يكن مقصوده بذلك بعثه على الفعل على سبيل التنجيز ، بل بيان كونه محبوبا لديه ، وأنّه ممّا ينبغي أن يوجد ، فيندرج حينئذ في القسم الأوّل ، ويخرج عن محلّ الفرض ، ففي محلّ الفرض ـ أي ما كان غرضه من الأمر بعثه على الفعل على سبيل التنجيز ـ يجب على العبد الخروج عن عهدة ما تعلّق به غرضه من أمره ، إلّا أن يعلم من الخارج أنّ مقصوده ليس مهمّا لديه بحيث لا يرضى بمخالفته ، فدلالة الأمر على كونه مولويّا دلالة وضعيّة حيث إنّه ظاهر في الطلب ، وأمّا دلالته على لزوم الفعل على تقدير عدم الإذن في المخالفة وندبه على تقدير الإذن فعقليّة ، ولذا لا يتفاوت الحال في ذلك بين ما لو استفيد طلبه من اللفظ أو من الإشارة ونحوها ، فلو أشار بيده إلى جماعة فعلم العبد من إشارته أنّه يريد إحضارهم أو طردهم ، يجب عليه الخروج عن عهدة ما تعلّق به غرضه من إشارته ، إلّا أن يعلم بعدم لزومه ، فيقتصر في رفع اليد عمّا يقتضيه طلبه على مقدار دلالة الدليل ، وهكذا الكلام في النهي حرفا بحرف ، فلا نطيل بالإعادة.