ثمّ لو سلّمنا أنّ الطلب الإلزامي مغاير بالذات لغير الإلزامي ، وأنّه عند تعلّقه بواجب ومستحبّ مستعمل في القدر المشترك ، فنقول أيضا : يمكن الاستشهاد بالموثّقة (١) لإثبات الكراهة مع إبقائها على ظاهرها من الحرمة بالنسبة إلى غيرها بدعوى أنّ الرواية كما أنّها كادت تكون صريحة في الحرمة بحيث يشكل حملها ـ بقرينة الأخبار الخاصّة ـ على الاستحباب أو القدر المشترك ، كذلك كادت تكون صريحة في شمولها للسنجاب ، فيشكل تخصيصها بالأدلّة المتقدّمة الدالّة على الجواز ، فمقتضى الجمع بينها وبين الموثّقة إبقاء الموثّقة على ظاهرها من الحرمة والعموم ، وارتكاب التأويل في فرديّة السنجاب للعامّ بالحمل على أنّ جعله في عرض المحرّمات من حيث تعلّق النهي التحريمي به من باب المبالغة ، وتنزيله منزلة المحرّم من حيث المرجوحيّة.
وبهذا يندفع ما قد يتوهّم من أنّ ما ذكرناه أوّلا في التفصّي عن الإشكال لا يجدي في خصوص المورد ؛ لأنّ غايته أنّ كون بعض ما تعلّق به النهي مكروها لا يصلح قرينة لصرف النهي عمّا يقتضيه ظاهره بالنسبة إلى ما عداه ، بل يبقى على ظاهره من الحرمة ، وهذا إنّما يتمشّى فيما إذا كان المنع المتعلّق بالجميع بصيغة النهي وشبهها ، لا في مثل الموثّقة التي نشأت دلالتها على المنع من إثبات لوازم الحرمة ، وهي فساد الصلاة الواقعة في غير المأكول ، وعدم قبولها ، ووجوب إعادتها ، فلا يمكن أن يكون السنجاب مندرجا في موضوعها بعد فرض جواز الصلاة فيه.
__________________
(١) أي موثّقة ابن بكير ، المتقدّمة في ص ٢٠٠.