به ، فلا يعقل أن يكون وجوبه علّة لإباحة التستّر به.
لا يقال : إنّ لنا قلب الدليل ، فإنّ حرمة لبس الحرير أيضا مشروطة بعدم اضطراره إليه ، وهو موقوف على أن لا يجب عليه الستر للصلاة ، فلا تصلح حرمته مانعة عن وجوبه ؛ إذ لا حرمة للبسه على تقدير الوجوب ، فالحكم الشرعي في مثل الفرض يتبع ما هو الأهمّ من الأمرين ، والجزم بأنّ رعاية جانب الحرمة في المقام أهمّ لدى الشارع من مراعاة جانب الواجب مشكل.
لأنّا نقول : أوّلا : إنّ عدم الاضطرار ليس شرطا في حرمة اللّبس ، بل الاضطرار إليه رافع أو دافع لحرمته ، وهو لا يتحقّق إلّا على تقدير كون ستر العورة واجبا بالفعل ، ولا يجب الستر إلّا على تقدير القدرة عليه عقلا وشرعا بأن لا يكون ممتنعا ولا محرّما ، فلا يعقل أن يؤثّر وجوبه في حصول القدرة التي هي شرط الوجوب.
وثانيا : أنّ رعاية جانب الحكمين من حيث الأهمّيّة مبنيّة على شمول دليلهما من حيث هو للمورد وحصول المعارضة بينهما ، وليس الأمر كذلك في المقام ؛ فإنّ النهي عن لبس الحرير مانع عن أن يشمله ما دلّ على وجوب الستر في الصلاة ، فإنّ إطلاقه منصرف إلى الأفراد المباحة ، لا لمجرّد دعوى أنّ المتبادر من الأمر بإيجاد الطبيعة إرادتها في ضمن فرد مباح بالذات ، بل لأنّ دلالة المطلق على إرادة أيّ فرد يكون موقوفة على جريان دليل الحكمة ، وهو غير جار بالنسبة إلى ما تعلّق به النهي ؛ لأنّ تعلّق النهي به قرينة على عدم إرادته من المطلق ولا أقلّ من صلاحيّته لذلك ، ومعه لا تجري قاعدة الحكمة.