من المكاتبة التي قد يقوى فيها احتمال التقيّة تشتمل أولاهما على نفي البأس عن الصلاة في وبر الأرانب مشروطا بالتذكية ، ومعلّقا على المشيئة (١) ، وهذه جميعها من أمارات التقيّة ، وقد أعرض الأصحاب عنها بالنسبة إلى هذه الفقرة ، وحملوها على التقيّة ، فكيف يدّعى مع ذلك إباؤها عن التقيّة وترجيحها على رواية الحلبي ، التي ليست فيها شائبة التقيّة أصلا!؟
بل ربما يستشعر التقيّة أيضا ممّا وقع فيهما من التعبير بأنّه «لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض» أو «في حرير محض» حيث إنّهم ـ على ما حكي عنهم ـ يقولون بحرمة لبسه وصحّة الصلاة الواقعة فيه (٢) ، فالعدول عن التصريح بالمنع عن الصلاة فيه إلى التعبير بنفي الحلّيّة القابل للحمل على إرادة حرمة لبسه حال الصلاة لا بطلان الصلاة الواقعة فيه يشعر بصدوره تقيّة.
وكيف كان فالأقوى ما عن المشهور من القول بالجواز (و) لكنّ (الأظهر) أنّه على سبيل (الكراهية) كما في المتن وغيره ؛ تنزيلا للصحيحتين بالنسبة إلى ما لا تتمّ فيه الصلاة ـ كما هو موردهما ـ عليها إمّا بإدراجه فيما لا يحلّ من باب التغليب ، أو على سبيل عموم المجاز.
وأمّا احتمال التخصيص وعدم كون المورد ملحوظا رأسا في إطلاق الجواب لنكتة مقتضية لإهماله فهو في غاية البعد خصوصا على تقدير تعدّد الروايتين ، كما هو مقتضى ظاهرهما.
__________________
(١) راجع ص ٣٠٣.
(٢) الأم ١ : ٩١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٧٣ ، المجموع ٣ : ١٨٠ ، وحكاه عنهم النراقي في مستند الشيعة ٤ : ٣٤٨.