وفي المدارك بعد أن نقل عن الأصحاب احتجاجهم للحكم بالبطلان بالدليل المزبور اعترض عليه بقوله : إنّ النهي إنّما يتوجّه إلى التصرّف في المغصوب الذي هو لبسه ابتداء واستدامة ، وهو أمر خارج عن الحركات من حيث هي حركات ، أعني القيام والقعود والسجود ، فلا يكون النهي متناولا لجزء الصلاة ولا لشرطها ، ومع ارتفاع النهي ينتفي البطلان (١). انتهى.
وفيه : أنّ التصرّف في المغصوب ليس منحصرا في لبسه كي يصحّ أن يقال : إنّ الحركات من حيث هي أمر وراء لبس الثوب ، فلا يتسرّى النهي عنه إليها حتى يقتضي بطلان الصلاة ، بل مطلق التقلّبات الواردة عليه تصرّف فيه ، فنقله من مكان إلى مكان وتحريكه ولو بالعرض كلبسه محرّم ، فالحركة الركوعيّة ـ مثلا ـ كما أنّه يصدق عليها عنوان الركوع ، كذلك يصدق عليها أنّها نقل للمغصوب من مكان إلى مكان ، فيتصادق على الفعل الشخصي الخارجي عنوان الغصب والركوع ، وحيث إنّ الغصب محرّم على الإطلاق يمتنع أن يصير مصداقه عبادة ، فيفسد الركوع.
والمناقشة في تسمية الحركة ركوعا أو سجودا أو قياما ؛ حيث إنّ هذه الأفعال بحسب الظاهر أسام للكون الحاصل عقيب تلك الحركات ، غير مجدية ، إلّا على القول بعدم اعتبارها رأسا في ماهيّة الصلاة ، وإنّما هي من مقدّمات الأفعال ، وهو بإطلاقه ضعيف ، كما ستعرفه إن شاء الله ، فيتمّ ما ذكر وإن لم يصدق على الحركات اسم الركوع أو السجود ونحوه حقيقة ، كما هو واضح.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ١٨١ ـ ١٨٢.