الصلاة من ارتكب الغصب بسبب خارج عن اختياره ، فكما أنّ ما في فعله من المفسدة الذاتيّة لا يؤثّر لدى الغفلة عنه في رفع ما في فعله من الحسن ، فكذلك لا يصلح مانعا عن الأمر به بلحاظ ما فيه من المصلحة.
لا يقال : إنّ مقتضى الجمع بين إطلاقات الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب تقييد الصلاة المأمور بها بكونها في غير المغصوب ، وليس العلم والجهل مأخوذين في موضوع شيء من الأدلّة ، فالصلاة التي يتحقّق بها الغصب غير مرادة من إطلاقات الأوامر ، سواء علم المكلّف بالغصبيّة أم جهلها ، فلا تصحّ.
لأنّا نقول : الحاكم بالتقييد العقل ، وهو لا يحكم بتقييد متعلّق الأمر ـ أي الصلاة ـ بوقوعها في غير المغصوب إلّا على تقدير صلاحيّة الغصبيّة للتأثير في قبح الصلاة ، وإلّا فهي في حدّ ذاتها محبوبة عند الشارع ومقصودة بأمره بحسب ما يقتضيه إطلاق طلبه.
ولتمام الكلام فيما يتعلّق بالمقام من النقض والإبرام مقام آخر ، وقد تقدّم شطر من الكلام فيه في مبحث غسل الأموات عند التكلّم في تغسيل الخنثى ، وكذا في باب التيمّم عند التكلّم في صحّة الوضوء في الموارد التي يحرم عليه فعله ، فراجع (١).
وقد ظهر بما ذكرناه أنّ المعيار في صحّة الصلاة الواقعة في المغصوب وفسادها كون الغصبيّة مؤثّرة في اتّصاف الفعل الخارجي ـ الذي قصد به الصلاة من حيث صدوره من المكلّف ـ بالقبح بحيث تصحّ المؤاخذة عليه ، وهذا إنّما هو مع
__________________
(١) ج ٥ ، ص ١٠٣ وما بعدها ، وج ٦ ، ص ١٥٢ وما بعدها.