وفيه : أنّ فتوى القدماء بمثل هذا الحكم التعبّدي وإن كانت قد تورث الظنّ بل الوثوق بوصول رواية إليهم دالّة على المنع عن الصلاة فيهما ولكن يحتمل أن يكون ذلك لخصوصيّة فيهما مقتضية للمنع عنهما بالخصوص.
وكيف كان فالاعتماد على مثل هذه المراسيل التي لم يتحقّق موضوعها في غاية الإشكال ، خصوصا مع إمكان الخدشة في دلالتها بما ذكر.
وأضعف من ذلك : الاستدلال له بخبر سيف بن عميرة : «لا يصلّى على جنازة بحذاء» (١) فإنّ صلاتها أوسع من غيرها.
وفيه : أنّ الأوسعيّة تجدي لو قلنا بمفاد الخبر في مورده ، وستعرف في محلّه ـ إن شاء الله ـ خلافه.
هذا ، مع أنّ الحذاء بحسب الظاهر أعمّ ممّا يستر ظهر القدم ، بل في مجمع البحرين (٢) تفسيره بالنعل الذي دلّ على جواز الصلاة فيه أخبار مستفيضة ، بل يظهر من جملة منها استحبابه ، كما سيأتي ، فالأظهر هو القول بالجواز ؛ للأصل.
وربما يستدلّ له أيضا : بالتوقيع المرويّ عن الاحتجاج وغيره : أنّ محمّد ابن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى صاحب الزمان ـ عجّل الله فرجه ـ يسأله هل يجوز للرجل أن يصلّي وفي رجليه بطيط لا يغطّي الكعبين ، أم لا يجوز؟ فكتب في الجواب : «جائز». وسأله عن لبس النعل المعطون (٣) ، فإنّ بعض أصحابنا
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٧٦ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٩١ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب صلاة الجنازة ، ح ١.
(٢) مجمع البحرين ١ : ٩٧ «حذا».
(٣) عطن الجلد وانعطن : وضع في الدباغ وترك فأفسد وأنتن. القاموس المحيط ٤ : ٢٤٨.