حيث هي كونها جمادا أو إنسانا ـ مثلا ـ لو لا القرائن الخارجيّة المعيّنة لها من الحركة والتكلّم والهيئة ونحوها ليست منافية لإطلاق آية (١) غضّ البصر وحفظ الفرج.
فتلخّص ممّا ذكر : أنّ رؤية حجم الشيء من وراء الستر على وجه لا يتميّز بها ذلك الشيء عمّا يشابهه في الحجم بحيث يعرف ـ مثلا ـ أنّ المرئي لحم أو عظم أو خشبة ـ مثلا ـ ليست منافية لما ينسبق إلى الذهن من الأمر بستر ذلك الشيء.
فمن هنا يظهر أنّ ما تقدّم آنفا في الردّ على من استدلّ على عدم وجوب ستر الحجم بأنّه خارج عن معقد الإجماع من أنّ الخلاف إنّما هو في تشخيص الموضوع لا في أصل الحكم ، لا يخلو عن نظر ؛ فإنّ القائل بكفاية ستر اللون لا يقول إلّا بوجوب ستر العورة من حيث هي ، لا من حيث كونها جسما ذا هيئة خاصّة ووضع كذائي ، فمراده بقوله : «إنّ الستر حاصل» حصوله بهذا المعنى ، وإلّا فمن الواضح عدم حصوله بعناوينه العامّة ، فالنزاع لدى التحقيق يؤول إلى الحكم الشرعي وإن كان في بادىء الرأي في تشخيص الموضوع ، فعلى هذا يتّجه الاستدلال المزبور ، والله العالم.
وممّا يؤيّد القول المزبور بل يستدلّ به : الأخبار (٢) الدالّة على جواز الصلاة في قميص واحد إذا كان كثيفا ؛ فإنّ الكثافة قد لا تفيد ستر الحجم ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
حجّة القائلين باعتبار استتار الحجم : منع حصول الستر على إطلاقه عرفا و
__________________
(١) النور ٢٤ : ٣٠.
(٢) منها ما تقدّم تخريجه في ص ٣٧٣ ، الهامش (٥).