التصريح بأنّ أدنى ما تصلّي المرأة فيه درع وملحفة جار مجرى العادة ، فلا يفهم منها اشتراط التعدّد ، ولذا لم يفهم الأصحاب منها ذلك.
نعم ، الظاهر ممّا ورد فيه الأمر بلبس ما زاد عن الثوبين اللّذين يتحقّق بهما الستر المعتبر في الصلاة إرادته من باب التعبّد ، فيحمل على الفضل بقرينة غيره من الأخبار ، مع احتمال أن لم يكن المقصود بذلك أيضا إلّا الاستظهار وحصول الستر الواجب ، كما تقدّم التنبيه عليه فيما سبق.
بقي الكلام في تمييز ما يجب عليها ستره مفصّلا.
فنقول : أمّا رأسها : فقد عرفت دلالة جلّ الأخبار المتقدّمة على وجوب ستره.
وأمّا سائر جسدها : فالظاهر عدم الخلاف في وجوب ستره فيما عدا الوجه والكفّين والقدمين ، وكفى بذلك كاشفا عمّا أزيد من الأخبار لو كان فيها إجمال ، مع إمكان دعوى عدم قصورها في حدّ ذاتها عن إفادته ، لا لما فيها من التصريح بأنّ أدنى ما تصلّي المرأة فيه درع وملحفة ، وهما تستران غالبا ما عدا المواضع المزبورة ، فإنّ استفادة وجوب ستر كلّ ما يتحقّق ستره بهما بالأصالة من مثل هذه الرواية لا تخلو عن تأمّل ، بل لما في بعضها من الإشارة إلى وجوب ستر ذلك كلّه ، كصحيحة (١) جميل ، التي ورد فيها الأمر بأن يكون عليها زائدا على درع وخمار ملحفة تضمّها عليها ، فإنّ فيها إيماء إلى أنّ المقصود بالثياب استتارها وعدم استبانة شيء من جسدها.
__________________
(١) تقدّمت الصحيحة في ص ٣٨٤.